166

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

محقق

عبد الكريم سامي الجندي

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٦ هـ

سنة النشر

٢٠٠٥ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

وَطرح قِعْبا كَانَ معلّقا فضحكوا من ظَرْفِهِ وحَمَلوه مَعَهم إِلَى الْبَصْرَة فَلم يَزَلْ نديمًا لَهُمْ. الواغل والوارش قَالَ القَاضِي: الواغل الَّذِي يَغِلُ عَلَى الشِّرْب من غَيْر أَن يَدْعُوَهُ النّاس، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس: فاليوم أشربُ غَيْر مُسْتَحْقبٍ ... إِثْمًا من اللَّه وَلَا وَاغِلِ وَيُقَال للَّذي يفعل مثل هَذَا فِي الطَّعَام وارش. احتكم يَا أَبَا السِّمْط حَدَّثَنَا يزْدَاد بْن عَبْد الرَّحْمَن الْكَاتِب، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى يَعْنِي عِيسَى بْن إِسْمَاعِيل الْبَصْرِيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقُتَبي، قَالَ: قَدِمَ معنُ ابْن زَائِدَة بَغْدَاد فَأَتَاهُ النّاس وَأَتَاهُ ابْن أبي حَفْصة، فَإِذا الْمجْلس غَاصٌ بأَهْله، فَأخذ بعضَادَتَيِ الْبَاب ثُمَّ قَالَ: وَمَا أحْجَم الأعْدَاءُ عَنْكَ تَقِيَّةً ... عَلَيْكَ ولكنْ لَمْ يَرَوا فِيك مَطْمَعَا لَهُ راحتان الْجُود والحَتْفُ فيهمَا ... أبَى اللَّه إِلَّا أَن يَضُرَّ ويَنْفَعَا فَقَالَ معن: احتكم يَا أَبَا السِّمْط؟ فَقَالَ: عشرَة آلَاف، فَقَالَ معن: ربحتُ وَالله عَلَيْكَ تسعين ألفا. مُكَافَأَة بغا عَلَى شجاعته حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن الْحُسَيْن بن عبد الْأَعْلَى الْكَاتِب، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي عليّ بْن الْحُسين بْن عَبْد الْأَعْلَى، قَالَ: كَانَ عَبْد اللَّه بْن طَاهِر قَدْ أهْدى للمعتصم شُهْرُبين مُلَمّعين ذَكَرَ أنَّ خُرَاسَان لَمْ تُخرج مثلهمَا، فَسَأَلَهُ بغا أَن يحملهُ عَلَى أَحدهمَا فَأبى وَقَالَ: تَخَير غَيرهمَا مَا شِئْت فخُذه، قَالَ: فخرجنا وَلم يَأْخُذ شَيئًا فَلَمّا كُنَّا بطبرستان عرض لَهُ قَوْمٍ من أَهلهَا، فَقَالُوا: أعز اللَّه الْأَمِير! إِن فِي بَعْض الْغِياض سَبُعًا قَد استكلب عَلَى النَّاس وأقناهم، فَقَالَ: إِذَا أردْت الرحيل غَدا فكُونوا مَعي حَتَّى تَقِفُوني عَلَى مَوْضِعه، قَالَ: فَلَمّا رحلنا من غَد حضر جمَاعَة مِنْهُم فَانْفَرد مَعَهم فِي عشْرين فَارِسًا من غلمانه، وَمَعَهُ قوسه ونشابتان فِي منطقته، قَالَ: فصاروا بِهِ إِلَى الغيضة فثار السَّبع فِي وَجهه من بَينهم، قَالَ: فحرك فرسه من بَين يَدَيْهِ وَأخذ نشابة من النشابتين فَرَمَاهُ فِي استه، فَمر السهْم فِيهَا إِلَى الريش، وَركب السَّبع رَأسه، قَالَ: وَعَاد بغا إِلَيْهِ فَمَا أجترأ أحد عَلَى النُّزُول إِلَيْهِ حَتَّى نزل بغا فَوَجَدَهُ مَيتا، قَالَ: فشبرناه فَكَانَ من رَأسه إِلَى رَأس ذَنبه سِتَّة عشر شبْرًا، ووجدناه أحَصَّ الشّعْر إِلَّا مَعْرِفَتَه، قَالَ: فكتبنا بِخَبَرِهِ إِلَى المعتصم، فلحقنا جوابُ كتَابنَا بُحلوان يذكر فِيهِ أَنَّهُ قَدْ تفاءلت بقتل السَّبع، وَرَجا أَن يكون من عَلَامَات الظفر ببابك، وَأَنه قَدْ وجّه إِلَى بُغا بالشهربين اللَّذين كَانَ طلب أَحدهمَا فَمَنعه، وبسبع خلع من خَاصَّة خلعه وثيابه، وَخمْس مائَة ألف دِرْهَم صلَة لَهُ وَجَزَاء عَلَى قَتله السَّبع، قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ المعتصم بذلك إضراؤه عَلَى طَاعَته ومجاهدة عدوه.

1 / 170