الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
محقق
عبد الكريم سامي الجندي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٦ هـ
سنة النشر
٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
عَلَى أَهله بِالْفَضْلِ، يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! فَلم تجرِّئ هَذَا وضرباؤه على أهل بَيْتك؟ يسْعَى بهم عنْدك، وَالله مَا يسْعَى بِنَا إِلَيْك نصيحة مِنْهُ لَك، وَإنَّهُ ليَأْتِينَا فيسعى بك عندنَا من غَيْر نصيحة مِنْهُ لَنَا، يُرِيد أَن يباعد بَيْننَا ويشتفي من بَعْض بِبَعْض، وَوَاللَّه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه للخائن بْن الخائن، يسْقط بَيْنَ اللحاء والقضيب، يُرِيد أَن يُوهنهما جَمِيعًا حَسَدًا وبَغْيًا وَغِلا، ثُمَّ الْتفت إِلَى الزبيرِي متمثلا بقول الشَّاعِر:
وَقد يُسَوِّدُ عصرُ السُّوء مثلَكُم ... وَقد يعودُ رءوسُ النّاس أذنابا
وَقد قَالَ بَعْض أهلك:
أَلَيْسَ من إِلْقَاء الزَّمَان عَلَى استه ... وقوفُ
زبيريٍّ يقتُّ بهاشم
إِذَا مَا رَآهُمْ كَانَ هَمْزًا ولامزًا ... لأعراضهم مَيْنا وبغيًا لحازمِ
قَوْله: يقتّ معناهُ ينمُّ، وَقَالَ: لَا يدخلُ الجنةَ قتّات، وروى عَنِ النَّبيّ ﷺ أَنَّهُ لعن القَتّات يَعْنِي النمام.
رَجَاء يُرْجئُ مَا أُمِر بِهِ
حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن القَاسِم الكوكبي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْفضل أَحْمَد بْن أبي طَاهِر، قَالَ: مدحتُ الْحَسَن بْن مخلد فَأرْسل إليَّ أَنِّي قَدْ أمرت لَك بِمِائَة دِينَار، فَالْحق رَجَاء، فلقيتُ رَجَاء فَقَالَ: لَمْ يَأْمُرنِي بِشَيْء، فَكتبت إِلَيْهِ:
أما رجاءُ فأرْجَى مَا أمرتَ بِهِ ... وَكَيف إِن كنتَ لَمْ تَأمُره يأتمر
بَادر بجودك إمّا كنتَ مقتدرًا ... فَلَيْسَ فِي كلّ حالٍ أَنْت مُقْتَدِرُ
الْمجْلس السَّابِع عَشْر
حَدِيث فَلْيقل خيرا أَوْ لينصت
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، أَبُو عُمَرَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَهْشَلُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيُنْصِتْ ".
قَالَ الْقَاضِي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَالأَخْبَارُ مُتَظَاهِرَةٌ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليم الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ". وَفِي بَعْض الرِّوَايَات: أَوْ لِيَسْكُت. ولمّا أملّ عَلَيْنَا أَبو عُمَر هَذَا الْخَبَر عَلَى من يَلِيهِ كالمبتسم وَإِلَى جنبه أَبُو بَكْر النَّيْسَابُوريّ كالمتعجب المستغرب لهَذِهِ اللَّفْظَة، وَمعنى هَذِهِ الْأَلْفَاظ تتفق.
ونحوٌ مِنْهُ مَا ورد الْخَبَر بِهِ من قَوْله: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً تَكَلَّمَ فَغَنِمَ أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ.
وَفِي الْكَلَام ممّا هُوَ خَيّر وَصدق وَعدل، وَحقّ الْأجر والفائدة، وَالْغنيمَة الْبَارِدَة، وَفِي
1 / 126