الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
محقق
عبد الكريم سامي الجندي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٦ هـ
سنة النشر
٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
شَبِيهُ ذِي الْكَرَمْ ... بِرَغْمِ مَنْ رغمْ
نَبِيِّ ذِي النِّعَمْ
وَقَالَ هَارُونُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ جَعْدَةَ، قَالَ: وَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ ﷿ لِرَسُولِهِ ﷺ خَيْبَرَ خَرَجَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاطٍ السُّلَمِيُّ إِلَى مَكَّةَ وَقَدْ أَسْلَمَ لِيَأْخُذَ مَالا لَهُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ، وَكَانَ مُكْثِرًا لَهُ مِنْ مَالِهِ مَعَادِنَ الذَّهَبِ بِأَرْضِ سُلَيْمٍ، وَذَكَرَ كَلامَ الْحَجَّاجِ بِطُولِهِ، وَبَلَغَ الْعَبَّاسَ فَأَرَادَ النُّهُوضَ فَلَمْ يَقْدِرْ، وَأَمَرَ بِبَابِ الدَّارِ فَفُتِحَ ثُمَّ دَعَا غُلامَهُ أَبَا رَافِعٍ فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى الْحَجَّاجِ فَقُلْ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الَّذِي تُبَلِّغُ حَقًّا، فَأَبْلَغَهُ وَأَشَارَ إِلَيْهِ، قَالَ لأَبِي الْفَضْلِ عِنْدِي مَا تُسَرُّ بِهِ، فَرَجَعَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَكْتُمَ الْخَبَرَ فَرَحًا، فَقَامَ إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ فَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ. فَقَالَ هَارُون فِي حَدِيثه: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، قَالَ: كَانَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ سَبْعَةٌ ثَامِنُهُمْ مَوْلًى لَهُمْ: الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَثَامِنُهُمْ أَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ آخِذًا بِعِنَانِ بَغْلَةِ النَّبيّ ﷺ وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذًا بِثَفْرِهَا، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا عَمُّ؟ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: أَخُوكَ وَابْنُ عَمِّكَ أَبُو سُفْيَانَ بن الحراث. قَالَ: نَعَمْ أَخِي وَخَيْرُ أَهْلِي. وَقَالَ الْعَبَّاسُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ:
نَصَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ فِي الْحَرْبِ سَبْعَةٌ ... وَقَدْ فَرَّ مَنْ قَدْ فَرَّ عَنْهُ فَأَقْشَعُوا
وَثَامِنُنَا لاقَى الْحِمَامَ بِنَفْسِهِ ... لِمَا مَسَّهُ فِي اللَّهِ لَا يَتَوَجَّعُ
وَقَوْلِي إِذَا مَا الْفَضْلُ شَدَّ بِسَيْفِهِ ... عَلَى الْقَوْمِ أُخْرَى يَا بُنَيَّ فَيَرْجِعُوا
قَالَ القَاضِي: هَكَذَا هُوَ فِي كتابي فَإِن يكن فِي أصل الشَّيْخ عَلَى هَذَا، فتقدير الْكَلَام أشدد أُخْرَى فيرجعوا فَدخلت الْفَاء جَوَابا، وَإِن كنت الرِّوَايَة فِي الأَصْل فَيرجع عَلَى الْخَبَر عَنِ الْوَاحِد بِالْمَعْنَى فَهُوَ يرجع.
الحَجَّاج وفراشة الَّتِي كَانَتْ تجهز الْخَوَارِج
حَدَّثَنَا ابْن دُرَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِم، عَنْ أبي عُبَيْدة، وَذكره أَبُو حَاتِم عَنِ الْعُتْبِي أَيْضا، قَالَ: كَانَت امْرَأَة من الْخَوَارِج من الأزد يُقَالُ لَهَا فراشة، وَكَانَت ذَاتَ نبهٍ فِي رَأْي الْخَوَارِج تُجَهِّزُ أَصْحَاب البصائر مِنْهُم، وَكَانَ الحَجَّاج يطْلبهَا طَلَبًا شَدِيدا، فأعوزته فَلم يظفر بهَا، وَكَانَ يَدْعُو اللَّه أَن يُمكنهُ من فراشة أَوْ من بَعْض من جهزته، فَمَكثَ مَا شَاءَ اللَّه ثُمَّ جِيءَ بِرَجُل فَقَالَ: هَذَا مِمَّن جهّزته فراشة، فخرّ سَاجِدا ثُمَّ رفع رَأسه، فَقَالَ لَهُ: يَا عدوُّ الله، قَال: أَنْت أولى بهَا يَا حجاج، قَالَ: أَيْنَ فراشة؟ قَالَ: مرت تطير مُنْذُ ثَلَاث. قَالَ: أَيْنَ تطير؟ قَالَ: تطير
1 / 121