واما اراسسطراطس فانه قال في المقالة الثانية من كتابه في الاسترخا قال قولا هذه حكايته وقد ينبغي لمن يريد ان يداوي مداواة تجري على حقها وصدقها ان يبحث عن امر العادات بحثا كثيرا وذلك ان انواع التعب والكد اذا عاناها من قد الفها واعتادها لم يتعب وسلم معها من الاعيا ومن عاناها على غير اعتياد منه لها فانه وان تعب تعبا يسيرا يعرض له اعيا والاطعمة ايضا ما هو منها قد جرت به العادة وان كان اعسر في الانهضام من غيره فهو يستمرا اسرع واسهل من الطعام الذي لم تجر به العادة وان كان اسرع انهضاما. والاستفراغات ايضا التي تنقص البدن اذا جرت بها العادة البدن يقبضها وان كانت لا تنفع ومتى فقدها وقع في المرض مثال ذلك ما يعرض في استفراغ الدم من السعلة وفي انواع النقص التي ينقص بها قوم ابدان انفسهم حتى تصير عادة وفي القروح التي تخرج من البدن في وقت دون وقت وبعض الناس يعرض له ايضا في الوقت بعد الوقت هيضة فان هذه الانواع من النقص كلها وان كانت لا تنفع قد يقبضها البدن ويطلبها واذا لم تكن في وقت العادة وقع اصحابها الذين اعتادوا نقص ابدانهم بها في علل كبيرة وذلك كله انما يكون بسبب العادة ومع هذا فلو ان انسانا طالبنا بان نذكر له من وسط قول ما كلمتين او ثلث من غير ان نكون اعتدنا ذلك لما امكنا ان نذكر له ذلك بسهولة فان نحن اخذنا في القول على النسق من الكلام الذي قيل تلك الكلمات التي اقترحها علينا اتيناه بما اراد بسهولة وان كنا قد اعتدنا ان نقول كلمات منتزعة من وسط كلام سهل علينا الامر فيما يطلبه منا وقد يعرض للناس ايضا هذا الذي اصفه وهو ان من لم يعتد ان يتعلم فهو يبطي في التعلم ويتعلم اليسر فاذا اعتاد التعلم فهو يتعلم اكثر واسرع وهذا ايضا بعينه يعرض في الفحص والبحث عن الاشيا على هذا المثال وذلك ان من لم يعتد اصلا ان يبحث ويفحص عن شي يعما عقله في اول حركته ويتشوش ويتخيل فيدع البحث من ساعته ويتنحا عنه وذلك لان فكرته تعيا وتكل وتضعف وتتحير كما يعرض ذلك لمن يحضر احضارا لم يعتده فاما من قد اعتاد ان يفحص فانه يغوص وينفر عن كل شي وتبلغ فكرته اقاصي الاشيا فيفحص عنها وينقل فكرته الى مواضيع شتى من غير ان يخرج عن البحث لا في بعض نهاره فقط لكن في جميع عمره فيناقض المطالبات ويقلب فكرته ويديرها في معاني مختلفة وهذا ما يظهر عيانا من قوة العادة وتمكنها في جميع حالات الناس من عوارض النفس والام البدن وقد اتينا في هذا الباب بما يحتاج اليه في هذا القول واذا نحن صرنا الى الكلام الكلي في الطب ذكرناه بكلام طويل كثير فان ذكره والبحث عنه هناك مما لا بد منه ضرورة متى اردنا ان لا يدخل كلامنا في الطب خلل ونقصان في اشيا كثيرة
فهذا ما قاله احمد الاطبا مذهبا وابعدهم صوتا وهو ارسسطراطس وبقراط في قوى العادات ولم يسند استخراج ما استخرجاه من علم ذلك الى القياس بل اسنداه الى الاشيا التي تظهر بالحس عيانا وذلك امر يفهمه ايضا من ساير الناس خلق كبير ممن ليس عيشه كعيش الخنازير والحمير اعني اي الاشيا تنفعهم وايها تضرهم فانك تسمعهم في كل يوم يقولون انهم الفوا هذا الطعام وهذا الشراب واعتادوه فهم لذلك لا يقدرون على تركه لانهم متى تركوه وانتقلوا عنه الى غيره اضر بهم ذلك وعلى هذا المثال يقولون في ابواب التصرف بمنزلة الاستحمام وخلافه وركوب الخيل والتقنص والاحضار والصراع والسهر والتردد في الشمس والبرد والهم وجميع امثال هذه الاشيا ونظايرها
[chapter 2]
صفحة ١٤٤