الجديد في الحكمة
محقق
حميد مرعيد الكبيسي
الناشر
مطبعة جامعة بغداد
سنة النشر
1403م-1982م
مكان النشر
بغداد
تصانيف
على أنه معلوم بالبديهة ، أن الصورة المساوية للشيء الواحد ، من | حيث أنه واحد ، يمتنع انقسامها ، وإدراك الجزئيات المتغيرة ، قد | | يكون على وجه لا يتغير ، وقد يكون على وجه يتغير بتغيرها .
ويتمثل لك كيفية ذلك بهذا المثال ، وهو أنك إذا كنت حافظا | لقصيدة من الشعر ، وهي حاضرة في ذهنك دفعة ، كما هي مكتوبة ، | بيتا بيتا ، وكلمة كلمة ، هذا إدراك لها ، بجميع تفاصيلها على وجه | لا يتغير . وإذا قرأتها كلمة بعد كلمة ، وبيتا بعد بيت ، من غير أن | تتمثل لك بتفاصيلها كلماتها وأبياتها دفعة واحدة ، فهو إدراك لتلك | التفاصيل المدركة بعينها أولا ، ولكن على وجه متغير بتغير المدركات .
ومتى استند الشخص إلى شيء مشار إليه ، كما تقول : زيد هو | الذي في مدينة كذا ، أو كسوف الشمس يكون من الآن الذي نحن فيه إلى | شهر لم يمكن حمله على كثيرين ، فلم يكن معقولا ، بل محسوسا ويكون | العلم به متغيرا وجزئيا .
ومتى لم يستند إلى مشار إليه بوجه من الوجوه ، بل علم بواسطة | أسبابه ، كما إذا علمت مقدار ما بين كسوفين بالأسباب ، لم يتغير | العلم به ، سواء كان موجودا ، أو معدوما ، وكان إدراكه تعقلا كليا ، | وفي الادراك مباحث غير هذه ، سيأتي بعضها في أثناء مباحث أخرى | مستقبلة .
ومن هذه الكيفيات : اللذة والألم فاللذة إدراك ونيل لوصول ما هو | عند المدرك كمال وخير ، من حيث هو كذلك . والألم هو الادراك ، | والنيل أيضا ، ولكن لوصول ما عند المدرك ، وشر من حيث هو كذا .
صفحة ٣٠٦