الإتقان في علوم القرآن
محقق
محمد أبو الفضل إبراهيم
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب
رقم الإصدار
١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م
نَزَلَتْ فِي تِلْكَ الْإِغْفَاءَةِ وَقَالُوا: مِنَ الْوَحْيِ مَا كَانَ يَأْتِيهِ فِي النَّوْمِ لِأَنَّ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ. قَالَ: وَهَذَا صَحِيحٌ لَكِنَّ الْأَشْبَهَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ نَزَلَ فِي الْيَقَظَةِ وَكَأَنَّهُ خَطَرَ لَهُ فِي النَّوْمِ سُورَةُ الْكَوْثَرِ الْمُنَزَّلَةِ فِي الْيَقَظَةِ أَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْكَوْثَرُ الَّذِي وَرَدَتْ فِيهِ السُّورَةُ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ وَفَسَّرَهَا لَهُمْ.
ثُمَّ قَالَ: وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَقَدْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْتَرِيهِ عِنْدَ نُزُولِ الوحي ويقال لها: برحاء الْوَحْيِ. انْتَهَى.
قُلْتُ: الَّذِي قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي غَايَةِ الِاتِّجَاهِ وَهُوَ الَّذِي كُنْتُ أَمِيلُ إِلَيْهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَالتَّأْوِيلُ الْأَخِيرِ أَصَحُّ مِنَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ قَوْلَهُ: "أُنْزِلَ عَلَيَّ آنِفًا "، يَدْفَعُ كَوْنَهَا نَزَلَتْ قَبْلَ ذَلِكَ بَلْ نَقُولُ نَزَلَتْ في تلك الحالة وليس الْإِغْفَاءُ إِغْفَاءَ نَوْمٍ بَلِ الْحَالَةُ الَّتِي كَانَتْ تَعْتَرِيهِ عِنْدَ الْوَحْيِ فَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ كَانَ يُؤْخَذُ عَنِ الدُّنْيَا.
1 / 89