282

الإتقان في علوم القرآن

محقق

محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر

الهيئة المصرية العامة للكتاب

رقم الإصدار

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

لِأَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ﴾ تَقْتَضِي التَّسَبُّبَ وَالْجَزَاءَ وَذَلِكَ يُوجِبُ الْوَصْلَ وَكَوْنُ نظم الْفِعْلِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ يَجْعَلُ لِلْفَصْلِ وَجْهًا.
وَالْمُرَخَّصُ ضَرُورَةً: مَا لَا يَسْتَغْنِي مَا بَعْدَهُ عَمَّا قَبْلَهُ لَكِنَّهُ يُرَخَّصُ لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ وَطُولِ الْكَلَامِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْوَصْلُ بِالْعَوْدِ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ جُمْلَةٌ مَفْهُومَةٌ كقوله: ﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾ لأن قوله: ﴿وَأَنْزَلَ﴾ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ فَإِنَّ فَاعِلَهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ إِلَى مَا قَبْلَهُ غَيْرَ أَنَّ الْجُمْلَةَ مَفْهُومَةٌ.
وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَكَالشَّرْطِ دُونَ جَزَائِهِ وَالْمُبْتَدَأِ دُونَ خَبَرِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: الْوَقْفُ فِي التَّنْزِيلِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَضْرُبٍ تَامٍّ وَشَبِيهٍ بِهِ وَنَاقِصٍ وَشَبِيهٍ بِهِ وَحَسَنٍ وَشَبِيهٍ بِهِ، وَقَبِيحٍ وَشَبِيهٍ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ: أَكْثَرُ مَا ذَكَرَ النَّاسُ فِي أَقْسَامِ الْوَقْفِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ وَلَا مُنْحَصِرٍ وَأَقْرَبُ مَا قُلْتُهُ فِي ضَبْطِهِ: أَنَّ الْوَقْفَ يَنْقَسِمُ إِلَى اخْتِيَارِيٍّ وَاضْطِرَارِيٍّ لِأَنَّ الْكَلَامَ إِمَّا أَنْ يَتِمَّ أَوْ لَا فَإِنْ تَمَّ كَانَ اختياريا وكونه تاما لا يخلوا إِمَّا أَلَّا يَكُونَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا بَعْدَهُ الْبَتَّةَ - أَيْ لَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى - فَهُوَ الْوَقْفُ الْمُسَمَّى بِالتَّامِّ لِتَمَامِهِ الْمُطْلَقِ يُوقَفُ عَلَيْهِ ويبتدأ بِمَا بَعْدَهُ ثُمَّ مَثَّلَهُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي التَّامِّ.
قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الْوَقْفُ تَامًّا فِي تَفْسِيرٍ وَإِعْرَابٍ وَقِرَاءَةٍ غَيْرُ تَامٍّ عَلَى آخَرَ نَحْوُ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ﴾ تَامٌّ إِنْ كَانَ مَا بَعْدَهُ مُسْتَأْنَفًا

1 / 289