259

الإتقان في علوم القرآن

محقق

محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر

الهيئة المصرية العامة للكتاب

رقم الإصدار

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

وَأَخْرَجَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: "وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا"الْوُرُودُ الدُّخُولُ. قَالَ ابْنُ الأنبا ري: قَوْلُهُ: "الْوُرُودُ الدُّخُولُ "، تَفْسِيرٌ مِنَ الْحَسَنِ لِمَعْنَى الْوُرُودِ وَغَلِطَ فِيهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ فَأَلْحَقَهُ بِالْقُرْآنِ.
قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ: وَرُبَّمَا كَانُوا يُدْخِلُونَ التَّفْسِيرَ فِي الْقِرَاءَةِ إِيضَاحًا وَبَيَانًا لِأَنَّهُمْ مُحَقِّقُونَ لِمَا تَلَقَّوْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قُرْآنًا فَهُمْ آمِنُونَ مِنَ الِالْتِبَاسِ وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ يَكْتُبُهُ مَعَهُ.
وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ: إِنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ كَانَ يُجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِالْمَعْنَى فَقَدْ كَذَبَ. انْتَهَى.
وَسَأُفْرِدُ فِي هَذَا النَّوْعِ - أَعْنِي الْمُدَرَجَ - تَأْلِيفًا مُسْتَقِلًّا.
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ: لَا خِلَافَ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَوَاتِرًا فِي أَصْلِهِ وَأَجْزَائِهِ وَأَمَّا فِي مَحَلِّهِ وَوَضْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَقِّقِي أَهْلِ السُّنَّةِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِالتَّوَاتُرِ فِي تَفَاصِيلِ مِثْلِهِ لِأَنَّ هَذَا الْمُعْجِزَ الْعَظِيمَ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الدِّينِ الْقَوِيمِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِ جُمَلِهِ وَتَفَاصِيلِهِ فَمَا نُقِلَ آحَادًا وَلَمْ يَتَوَاتَرْ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ قَطْعًا.
وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّ التَّوَاتُرَ شَرْطٌ فِي ثُبُوتِ مَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ بِحَسَبِ أَصْلِهِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي مَحَلِّهِ وَوَضْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ بَلْ يَكْثُرُ فِيهَا نَقْلُ الْآحَادِ. قِيلَ: وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ صُنْعُ الشَّافِعِيِّ فِي إِثْبَاتِ الْبَسْمَلَةِ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ.

1 / 266