الإتقان في علوم القرآن
محقق
محمد أبو الفضل إبراهيم
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب
رقم الإصدار
١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م
النَّوْعُ الْعِشْرُونَ: فِي مَعْرِفَةِ حُفَّاظِهِ ورواته
رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: "خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: "مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ وَمُعَاذٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ "،أَيْ تَعَلَّمُوا مِنْهُمْ. وَالْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورُونَ اثْنَانِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَهُمَا الْمُبْتَدَأُ بِهِمَا وَاثْنَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَسَالِمٌ هُوَ ابْنُ مَعْقِلٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَمُعَاذٌ هُوَ ابْنُ جَبَلٍ. قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْإِعْلَامَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَهُ أَيْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ يَبْقَوْنَ حَتَّى يَنْفَرِدُوا بِذَلِكَ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْفَرِدُوا بَلِ الَّذِينَ مَهَرُوا فِي تَجْوِيدِ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْعَصْرِ النَّبَوِيِّ أَضْعَافُ الْمَذْكُورِينَ وَقَدْ قُتِلَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ فِي وَقْعَةِ الْيَمَامَةِ وَمَاتَ مُعَاذٌ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَمَاتَ أُبَيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَقَدْ تَأَخَّرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ الرِّيَاسَةُ فِي الْقِرَاءَةِ وَعَاشَ بَعْدَهُمْ زَمَنًا طَوِيلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْأَخْذِ عَنْهُمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَدَرَ فِيهِ ذَلِكَ الْقَوْلُ وَلَا يَلْزَمُ من ذلك ألا يَكُونَ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ شَارَكَهُمْ فِي حِفْظِ الْقُرْآنِ بَلْ كان الذي يَحْفَظُونَ مِثْلَ الَّذِي حَفِظُوهُ وَأَزْيَدَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَفِي الصَّحِيحِ فِي غَزْوَةِ بِئْرِ مَعُونَةَ أَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا بِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ وَكَانُوا سبعين رجلا.
وروى الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَأَلُتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله ﷺ؟ فَقَالَ: أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ:
1 / 244