الإتقان في علوم القرآن
محقق
محمد أبو الفضل إبراهيم
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب
رقم الإصدار
١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م
وَاخْتُلِفَ لِمَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ فَقِيلَ: لْأَنَّهَا يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَبِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ السُّورَةِ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي مَجَازِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُنَاسِبُ تَسْمِيَتَهَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ لَا أُمَّ الْكِتَابِ وأجيب بأن ذلك بالنظر إلى أن الأم مبتدأ الْوَلَدِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتُقَدُّمِهَا وَتَأَخُّرِ مَا سِوَاهَا تَبَعًا لَهَا لْأَنَّهَا أُمَّتُهُ أَيْ تَقَدَّمَتْهُ وَلِهَذَا يُقَالُ لِرَايَةِ الْحَرْبِ أُمٌّ لِتَقَدُّمِهَا وَاتِّبَاعِ الْجَيْشِ لَهَا. وَيُقَالُ لِمَا مَضَى مِنْ سني الإنسان أَمْ لِتُقَدُّمِهَا وَلِمَكَّةَ أُمُّ الْقُرَى لتقدمها عَلَى سَائِرِ الْقُرَى. وَقِيلَ: أَمُّ الشَّيْءِ أَصْلُهُ وَهِيَ أَصْلُ الْقُرْآنِ لَانْطِوَائِهَا عَلَى جَمِيعِ أَغْرَاضِ الْقُرْآنِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْعُلُومِ وَالْحِكَمِ كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالسَّبْعِينَ.
وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لْأَنَّهَا أَفْضَلُ السُّوَرِ كَمَا يُقَالُ لِرَئِيسِ الْقَوْمِ: أُمُّ الْقَوْمِ.
وَقِيلَ: لْأَنَّ حُرْمَتَهَا كَحُرْمَةِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ. وَقِيلَ: لْأَنَّ مَفْزَعَ أَهْلِ الْإِيمَانِ إِلَيْهَا كَمَا يُقَالُ لِلرَّايَةِ أُمٌّ لْأَنَّ مَفْزَعَ الْعَسْكَرِ إِلَيْهَا. وَقِيلَ: لْأَنَّهَا مُحْكَمَةٌ وَالْمُحْكَمَاتُ أُمُّ الْكِتَابِ.
خَامِسُهَا: الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، رَوَى أَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِأُمِّ الْقُرْآنِ: "هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَهِيَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ "، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لَاشْتِمَالِهَا عَلَى الْمَعَانِي الَّتِي فِي الْقُرْآنِ.
سَادِسُهَا: السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَرَدَ تَسْمِيَتُهَا بِذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ أَمَّا تَسْمِيَتُهَا سَبْعًا فَلْأَنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ. وَقِيلَ: فِيهَا سَبْعَةُ آدَابٍ فِي كُلِّ آيَةٍ أَدَبٌ وَفِيهِ بُعْدٌ. وَقِيلَ: لْأَنَّهَا خَلَتْ مِنْ سَبْعَةِ أَحْرُفٍ الثَّاءُ وَالْجِيمُ وَالْخَاءُ وَالزَّايُ وَالشِّينُ وَالظَّاءُ وَالْفَاءُ قَالَ الْمُرْسِيُّ: وَهَذَا أَضْعَفُ مِمَّا قَبِلَهُ لْأَنَّ الشَّيْءَ إِنَّمَا يُسَمَّى بِشَيْءٍ وُجِدَ
1 / 189