الإتقان في علوم القرآن
محقق
محمد أبو الفضل إبراهيم
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب
رقم الإصدار
١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْعُلُومَ وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُهَا وَانْتَشَرَ فِي الْخَافِقَيْنِ مددها فغايتها بحرقعره لَا يُدْرَكُ وَنِهَايَتُهَا طَوْدٌ شَامِخٌ لَا يُسْتَطَاعُ إِلَى ذُرْوَتِهِ أَنْ يُسْلَكَ وَهَذَا يَفْتَحُ لِعَالِمٍ بَعْدَ آخَرَ مِنَ الْأَبْوَابِ مَا لَمْ يَتَطَرَّقْ إِلَيْهِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الْأَسْبَابُ وَإِنَّ مِمَّا أَهْمَلَ المتقدمون تَدْوِينِهِ حَتَّى تَحَلَّى فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِأَحْسَنِ زِينَةٍ عِلْمَ التَّفْسِيرِ الَّذِي هُوَ كَمُصْطَلَحِ الْحَدِيثِ فَلَمْ يُدَوِّنْهُ أَحَدٌ لَا فِي الْقَدِيمِ وَلَا فِي الْحَدِيثِ حَتَّى جَاءَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَعُمْدَةُ الْأَنَامُ عَلَّامَةُ الْعَصْرِ قَاضِي الْقُضَاةِ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَعَمِلَ فيه كِتَابِهِ مَوَاقِعُ الْعُلُومِ مِنْ مَوَاقِعِ النُّجُومِ فَنَقَّحَهُ وَهَذَّبَهُ وَقَسَّمَ أَنْوَاعَهُ وَرَتَّبَهُ وَلَمْ يُسْبَقْ إِلَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ نَيِّفًا وَخَمْسِينَ نَوْعًا مُنْقَسِمَةً إِلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ وَتَكَلَّمَ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بِالْمَتِينِ مِنَ الْكَلَامِ فَكَانَ كَمَا قال الإمام أبو السعادات ابن الْأَثِيرِ فِي مُقَدِّمَةِ نِهَايَتِهِ: كُلُّ مبتدئ لشيء لم يسبق إليه ومبتدع أمرا لَمْ يُتَقَدَّمْ فِيهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَلِيلًا ثُمَّ يَكْثُرُ وَصَغِيرًا ثُمَّ يَكْبُرُ.
فَظَهَرَ لِيَ اسْتِخْرَاجُ أنواع لم يسبق إليها وزيادة مُهِمَّاتٍ لَمْ يُسْتَوْفَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فجردت الْهِمَّةُ إِلَى وَضْعِ كِتَابٍ فِي هَذَا الْعِلْمِ وَأَجْمَعُ بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى شَوَارِدَهُ وَأَضُمُّ إِلَيْهِ فَوَائِدَهُ وَأُنَظِّمُ فِي سِلْكِهِ فَرَائِدَهُ لِأَكُونَ فِي إِيجَادِ هَذَا الْعِلْمِ ثَانِيَ اثْنَيْنِ وَوَاحِدًا فِي جَمْعِ الشَّتِيتِ مِنْهُ كَأَلْفٍ أَوْ كَأَلْفَيْنِ وَمُصَيِّرًا فَنَّيِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ فِي اسْتِكْمَالِ التَّقَاسِيمِ إِلْفَيْنِ وَإِذْ برز نور أكمامه وَفَاحَ وَطَلَعَ بَدَرُ كَمَالِهِ وَلَاحَ وَأَذَّنَ فَجْرُهُ بِالصَّبَاحِ وَنَادَى دَاعِيهِ بالفلاح سَمَّيْتُهُ التَّحْبِيرِ فِي عُلُومِ التَّفْسِيرِ. وَهَذِهِ فَهْرَسْتُ الْأَنْوَاعِ بَعْدَ الْمُقَدِّمَةِ:
1 / 19