106

الإتقان في علوم القرآن

محقق

محمد أبو الفضل إبراهيم

الناشر

الهيئة المصرية العامة للكتاب

رقم الإصدار

١٣٩٤هـ/ ١٩٧٤ م

بِالْإِجْمَاعِ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَا الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِّيُّ مَعَ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ الِلَّهِ ﷺ. وَوَهِمَ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ عَمِلَ عَمَلَهُ إِجْرَاءً لَهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَيْسَ فِيهَا صِيغَةُ عُمُومٍ إِذِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ إِنَّمَا تُفِيدُ الْعُمُومَ إِذَا كَانَتْ مَوْصُولَةً أَوْ مُعَرَّفَةً فِي جَمْعٍ زَادَ قَوْمٌ: أو مفرد بشرط ألا يَكُونَ هُنَاكَ عَهْدٌ وَاللَّامُ فِي " الْأَتْقَى " لَيْسَتْ مَوْصُولَةً لِأَنَّهَا لَا تُوصَلُ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ إِجْمَاعًا " وَالْأَتْقَى " لَيْسَ جَمْعًا بَلْ هُوَ مُفْرَدٌ وَالْعَهْدُ مَوْجُودٌ خُصُوصًا مَعَ مَا يُفِيدُهُ صِيغَةُ " أَفْعَلَ " مِنَ التَّمْيِيزِ وَقَطْعِ الْمُشَارَكَةِ فَبَطَلَ الْقَوْلُ بِالْعُمُومِ وَتَعَيَّنَ الْقَطْعُ بِالْخُصُوصِ وَالْقَصْرِ عَلَى مَنْ نَزَلَتْ فِيهِ ﵁. المسألة الثالثة: تَقَدَّمَ أَنَّ صُورَةَ السَّبَبِ قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ فِي الْعَامِّ وَقَدْ تَنْزِلُ الْآيَاتُ عَلَى الْأَسْبَابِ الْخَاصَّةِ وَتُوضَعُ مَعَ مَا يُنَاسِبُهَا مِنَ الْآيِ الْعَامَّةِ رِعَايَةً لِنَظْمِ الْقُرْآنِ وَحُسْنِ السِّيَاقِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْخَاصُّ قَرِيبًا مِنْ صُورَةِ السَّبَبِ فِي كَوْنِهِ قَطْعِيَّ الدُّخُولِ فِي الْعَامِّ كَمَا اخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ رُتْبَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ دُونَ السَّبَبِ وَفَوْقَ الْمُجَرَّدِ مِثَالُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ﴾ إِلَى آخِرِهِ فَإِنَّهَا إِشَارَةٌ إِلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَنَحْوِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ لَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ وَشَاهَدُوا قَتْلَى بَدْرٍ حَرَّضُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْأَخْذِ بِثَأْرِهِمْ وَمُحَارَبَةِ النَّبِيِّ ﷺ فَسَأَلُوهُمْ:

1 / 113