وقوله: { اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم } [التوبة: 38] ، ولم يكثر هذا الباب في القرءان لما نذكره ، وكذلك في أشعار المتقدمين ، ولا المطبوعين من المتأخرين ، وإنما استكثر ذلك من المتأخرين من كان يتكلف الصنعة .
سمعت بعض أهل الأدب يقول: إن القليل من التجنيس يحسن الكلام ، والاكثار يسلب الكلام بهجته . قال: ومثله مثل الخال في الحسناء في أنه يزيدها حسنا ، وإن كثرت الخيلان حتى تستوفي (¬1) على عامة جسدها أكسبتها الوحشة ، وسلبتها البهجة . وصدق فيما قال ، لأن الاستكثار والجمع بين الحروف المتجانسة يوجب للكلام ضربا من التنافر . ألا ترى إلى قول الأعشى:
وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني ... شاو مشل شلول شلشل شول (¬2)
كيف يظهر عليه التنافر ؟
وكذلك قول الشاعر:
وقبر حرب بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر
فأما إذا وقع ذلك في الكلام لمعا ، فإنه يزيده حسنا وبهجة ، فلذلك - والله أعلم - وجد في القرءان قليلا ولم يكثر .
صفحة ٢١٥