ومنهم من ذهب إلى أن الاعجاز فيهما جميعا - أعني النظم مع الفصاحة البالغة أعلى طبقات الفصاحة - وهذا هو الذي يصح عندي ، ويتضح لدي .
على أن من قال بالصرف لابد له من الرجوع إلى بعض هذه الوجوه ، لأن الصرف عنده لم يقع عن جميع الكلام ، وإنما وقع عن كلام له صفة مخصوصة ، وتلك الصفة لا بد من أن تكون هي الأسلوب ، أو الفصاحة ، أو هما جميعا . والكلام في الصرف يأتي بعد هذا الموضع .
والذي يبين صحة ما اخترناه وادعينا صحته ، أنه لا يخلو:
من أن يكون الاعجاز فيه تعلق بالأسلوب المجرد .
أو الفصاحة المجردة .
أو بهما جميعا ، ولا يصح ادعاء من يدعي تعلقه بالنظم ، أي الأسلوب فقط ، لأنا نعلم ضرورة أن تميز نظم القرءان عن سائر أساليب الكلام المنثور كأسلوب الخطب ، وأسلوب الرسائل ، وأسلوب كلام الكهنة وأسجاعهم ، وأسلوب المحاورات ، ليس أكثر من تميز بعض الأساليب عن بعض .
صفحة ١٧٦