105

فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجوز أن يكون ظن أن الاتيان بمثل هذا القرءان يتعذر على قومه ، من حيث علم أحوالهم ، ومجاري أمورهم ، فأقدم على التحدي ، لما غلب من ذلك في ظنه,لأن العاقل الحصيف قد يقدم على الأمر المظنون بما يقدم (¬1) على الأمر المعلوم ، وفي كون ما ذكرناه جائزا خارجا من حيز (¬2) الامتناع ما يبطل دعواهم أنه يجب أن يكون من عند الله عز وجل .

قيل له: هذا الظن ظن لا أمارة عليه ، بل لا يجوز حصوله للعاقل المميز (¬3) ، لأن خلافه هو المعلوم .

فالمتعلم (¬4) إن ما يأتي به الانسان من أي جنس كان ، وأي باب كان ، فإنه من المعلوم أنه لا يتعذر الاتيان بمثله على من كان على مثل صفته في ذلك الشيء .

ونحن نعلم أن أولئك العرب كانوا مثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المعرفة بأحوال الكلام وطرقه ، وجيده ورديئه ، وفصيحه ومتوسطه ، أو مقاربين له في ذلك .

صفحة ١٥٧