فإذا كان الإيمان عبادة فشطره عبادة، لأن النبي ﵇ قال: «أمتي غر محجلون من آثار الوضوء»، وأثر العبادة يبقى إلى الآخرة، فأما أثر غيرها فلا، والخبران صحيحان، ولأن العبادة فعل يأتي به العبد على جهة التقرب إلى الله تعالى بأمره لثواب الآخرة، وهذا الحد موجود في الوضوء، وإذا ثبت أنه عبادة لم يتصور بغير نية، لأن النية شريطة العبادات فلا يحصل بدون شرطها، وهذه الطريقة وإن كانت حسنة لكن الأولى أحسن وأدل على حقيقة المسألة، وهي داخلة في الطريقة الأولى معنى على ما يتبين من الجواب عن كلامهم.
وأما حجتهم:
تعلقوا بالآية، وزعموا أن الله تعالى أمر بغسل الأعضاء الأربعة فلا يجب شيء سوى الغسل.
يدل عليه أن شرط النية زيادة على الغسل لا يدل عليه ذكر الغسل فيكونه زيادة على النص الوارد في الكتاب، والزيادة على النص نسخ، لأنه يتضمن تغيير حكمه وبيان التغيير في مسألتنا أن نص الآية اقتضى إطلاق الصلاة عند غسل الأعضاء الأربعة، فإن تقدير الآية: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وصلوا، كما يقال: إذا دخلت على الأمر تلبس وتطيب، أي افعل ذلك وادخل عليه.
وعند شرط النية يتغير هذه الحكم لأنه لا يطلق له الصلاة لما لم ينو.
1 / 66