ومن أخص أوصاف الرب القدرة على الخلق والاختراع فليس ذلك لغيره أصلا حتى إن كثيرا من النظار المثبتين للقدر كالأشعري وغيره جعلوا هذا أخص وصف للرب تعالى كما جعل الجبائي وغيره من المعتزلة أخص وصفه القدم
ومقصود المعتزلة أن لا يثبتوا له صفة قديمة لامتناع المشاركة في أخص وصفه ومقصود أولئك المثبتين أن لا يشركه غيره في الخلق وقد يقولون لا يشركه غيره في الفعل وهو قول من يقول العبد فاعل مجازا لا حقيقة وهو كاسب حقيقة كما هو قول الأشعري ومن وافقه من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وهو في الأصل قول جهم بن صفوان وهو أول من عرف في الإسلام أنه قال إن العبد ليس بفاعل لكن جمهور أهل السنة من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم يقولون إنه فاعل حقيقة وجمهور هؤلاء يقولون إن فعله مفعول للرب بناء على أن الخلق غير المخلوق كما هو قول الأكثرين وهو مذهب السلف وأهل الحديث والفقهاء
وأما من قال إن الفعل هو المفعول وإن فعل العبد فعل الرب ولم يفرق بين الفعل والمفعول فيلزمه لوازم تبطل قوله كما قد بسط في غير هذا الموضع وبين أن القدرة على الاختراع من خصائص الرب وأخص وصف الرب ليس هو صفة واحدة بل علمه بكل شيء من خصائصه وقدرته على كل شيء من خصائصه وخلقه لكل شيء من خصائصه
صفحة ٣١٥