فهذا النمط من الكلام حيث ذكر الأفضل فيه فإنه لا يراد اختصاصه بالحكم بل يراد به العموم وتحقيق العموم وأن هذا الحكم ثابت في حق الأفضل فكيف بمن دونه
وحينئذ فإذا قدر أن سائلا سأل هل يستغاث بميت من الأنبياء والصالحين فقيل له لا تستغث بأحد منهم لا نبي ولا غيره وقيل لا يستغاث بنبي فكيف بمن دونه أو قيل أفضل الخلق لا يستغاث به أو نحو ذلك من العبارات التي يفهم منها عموم النفي وأنه ذكر الأفضل تحقيقا للعموم كان هذا من أحسن الكلام كما تقدم كما إذا قيل لا يسجد لقبره ولا يتمسح به ولا يقبل ولا يتخذ وثنا يعبد ونحو ذلك وكذلك لو كان الخطاب ابتداء في سياق التوحيد ونفي خصائص الرب سبحانه وتعالى عن العبد فقيل ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى لا يطلب إلا منه لا من نبي ولا غيره أو قيل لا يستغاث فيه إلا بالله لا يستغاث فيه بالنبي فكيف من دونه أو نحو هذا الكلام كان حسنا
فالاستغاثة المنفية نوعان
أحدهما الاستغاثة بالميت مطلقا في كل شيء
والثاني الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الخالق
صفحة ٤٧٢