الاستذكار
محقق
سالم محمد عطا ومحمد علي معوض
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢١ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
علوم الحديث
وَقَدْ شَذَّ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَأَقْدَمَ عَلَى خِلَافِ جُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَسَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ نَائِمٍ وَلَا نَاسٍ
وَإِنَّمَا قَالَ رَسُولُ الله «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»
قَالَ وَالْمُتَعَمِّدُ غَيْرُ النَّاسِي وَالنَّائِمِ
قَالَ وَقِيَاسُهُ عَلَيْهِمَا غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَنَا كَمَا أَنَّ مَنْ قَتَلَ الصَّيْدَ نَاسِيًا لَا يُجْزِئُهُ عِنْدَنَا
فَخَالَفَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَظَنَّ أَنَّهُ يَسْتَتِرُ فِي ذَلِكَ بِرِوَايَةٍ جَاءَتْ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ شَذَّ فِيهَا عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ
وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِهِمْ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِهِمْ
فَخَالَفَ هَذَا الظَّاهِرَ عَنْ طَرِيقِ النَّظَرِ وَالِاعْتِبَارِ وَشَذَّ عَنْ جَمَاعَةِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ وَلَمْ يَأْتِ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ يَصِحُّ فِي الْعُقُولِ
وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تُصَلَّى وَتُقْضَى بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا كَالصَّائِمِ سَوَاءً وَإِنْ كَانَ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ الَّذِينَ أُمِرَ مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِمْ وَتَرْكِ الْخُرُوجِ عَنْ سَبِيلِهِمْ يُغْنِي عن الدليل فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أَدْرَكَ الْعَصْرَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ» وَلَمْ يَخُصَّ مُتَعَمِّدًا مِنْ نَاسٍ
وَنَقَلَتِ الْكَافَّةُ عَنْهُ ﵇ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ صَلَّى تَمَامَ صَلَاتِهِ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَمَلِ صَلَاةِ الْعَصْرِ كُلِّهَا لِمَنْ تَعَمَّدَ أَوْ نَسِيَ أَوْ فَرَّطَ وَبَيْنَ عَمَلِ بَعْضِهَا فِي نَظَرٍ وَلَا اعْتِبَارٍ
وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يُصَلِّ هُوَ وَلَا أَصْحَابُهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ لِشُغْلِهِ بِمَا نَصَبَهُ الْمُشْرِكُونَ لَهُ مِنَ الْحَرْبِ وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ نَاسِيًا وَلَا نَائِمًا وَلَا كَانَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ حَرْبٌ قَائِمَةٌ مُلْتَحِمَةٌ وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي اللَّيْلِ
وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ بِالْمَدِينَةِ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ انْصِرَافِهِ مِنَ الْخَنْدَقِ «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ (١) فَخَرَجُوا مُتَبَادِرِينَ وصلى
1 / 78