180

الاستذكار

محقق

سالم محمد عطا ومحمد علي معوض

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢١ هجري

مكان النشر

بيروت

وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ) التَّوْبَةِ ١٠٠
وَقَوْلُهُ (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) الْوَاقِعَةِ ١٠ - ١٢ الْآيَةَ
ثُمَّ قَالَ و(وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) الْوَاقِعَةِ ٢٧ ٢٨ الْآيَةَ - مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَهِدَايَةٌ
وَتَهْذِيبُ آثَارِ هَذَا الْبَابِ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ «قَرْنِي» - عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ فَقَرْنُهُ ﵇ جُمْلَةً خَيْرٌ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِي يَلِيهِ
وَأَمَّا عَلَى الْخُصُوصِ وَالتَّفْضِيلِ فَعَلَى مَا قَالَ عُمَرُ فِي قَوْلِهِ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) آلِ عِمْرَانَ ١١٠ إِنَّمَا كَانُوا كَذَلِكَ بِمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) فَمَنْ فَعَلَ فِعْلَهُمْ فَهُوَ مِنْهُمْ
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَحْوَالَ النَّاسِ فِي الْقِيَامَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ (أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَهُمْ أَصْحَابُ الْيَمِينِ (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) الْآيَةَ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَهُمْ أَصْحَابُ الشِّمَالِ (فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ) الْوَاقِعَةِ ٤٢ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) الْآيَةَ الْوَاقِعَةِ ١٢ فَسَوَّى بَيْنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَبَيْنَ السَّابِقِينَ
وَالَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فِي قَوْلِهِ «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي» أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْعُمُومِ وَمَعْنَاهُ الْخُصُوصُ بِالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَةِ فِي أَنَّ قَرْنَهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - فِيهِ الْكُفَّارُ وَالْفُجَّارُ كَمَا كَانَ فِيهِ الْأَخْيَارُ وَالْأَشْرَارُ وَكَانَ فِيهِ الْمُنَافِقُونَ وَالْفُسَّاقُ وَالزُّنَاةُ وَالسُّرَّاقُ كَمَا كَانَ فِيهِ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ وَالْفُضَلَاءُ وَالْعُلَمَاءُ فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا كُلِّهِ عِنْدَنَا أَنَّ قَوْلَهُ ﵇ «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي» أَيْ خَيْرُ النَّاسِ فِي قَرْنِي كَمَا قَالَ تَعَالَى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) الْبَقَرَةِ ١٩٧ أَيْ فِي أَشْهُرٍ مَعْلُومَاتٍ فَيَكُونُ خَيْرُ النَّاسِ فِي قَرْنِهِ أَهْلُ بَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَمَنْ شَهِدَ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ خَيْرُ النَّاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَيُعَضِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ ﵇ «خَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ» عَدَّ من سبق له من الله الحسنى وأصحابه وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ «وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ» فَالْفَرَطُ الْمُتَقَدِّمُ الْمَاشِي مِنْ أَمَامٍ إِلَى الْمَاءِ
هَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَغَيْرِهِ
وَقَالَ بن وَهْبٍ أَنَا فَرَطُهُمْ أَنَا إِمَامُهُمْ وَهُمْ وَرَائِي يَتْبَعُونَنِي
وَاسْتَشْهَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ

1 / 190