الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار
محقق
سالم محمد عطا، محمد علي معوض
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢١ - ٢٠٠٠
مكان النشر
بيروت
وَأَمَّا مَا انْسَدَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ فَذُكِرَ عَنْ سحنون عن بن الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يَسْأَلُ هَلْ سَمِعْتَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ إِنَّ اللِّحْيَةَ مِنَ الوجه الماء قال قَالَ نَعَمْ قَالَ وَتَخْلِيلُهَا فِي الْوُضُوءِ لَيْسَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ وَعَابَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ
قِيلَ لِسَحْنُونَ أَرَأَيْتَ مَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ وَلَمْ يُمِرَّ الْمَاءَ عَلَى لِحْيَتِهِ قَالَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَمْسَحْ رَأْسَهُ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا انْسَدَلَ مِنْ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فَقَالَ مَرَّةً أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُمِرَّ الْمَاءَ عَلَى مَا سَقَطَ مِنَ اللِّحْيَةِ عَلَى الْوَجْهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَفِيهَا قَوْلَانِ يُجْزِئُهُ فِي أَحَدِهِمَا وَلَا يُجْزِئُهُ فِي الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَا يَجْعَلُ مَا سَقَطَ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الْوَجْهِ - مِنَ الْوَجْهِ يَعْنِي بِقَوْلِهِ مَا سَقَطَ مَا انْسَدَلَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ جَعَلَ غَسْلَ مَا انْسَدَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ وَاجِبًا جَعَلَهَا وَجْهًا وَاللَّهُ قَدْ أَمَرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ أَمْرًا مُطْلَقًا لَمْ يَخُصَّ صَاحِبَ لِحْيَةٍ مِنْ أَمْرَدَ فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ وَجْهٍ فَوَاجِبٌ غَسْلُهُ لِأَنَّ الْوَجْهَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُوَاجَهَةِ وَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَنْ تُسَمِّيَ اللِّحْيَةَ وَجْهًا فَوَجَبَ غَسْلُهَا لِعُمُومِ الظَّاهِرِ
وَمَنْ لَمْ يُوجِبْ غَسْلَ مَا انْسَدَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْمَأْمُورَ بِغَسْلِهِ بَشَرَةُ الْوَجْهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ اللِّحْيَةِ لِأَنَّهَا ظَهَرَتْ فَوْقَ الْبَشَرَةِ حَائِلَةً دُونَهَا وَصَارَتِ الْبَشَرَةُ بَاطِنًا وَصَارَ الظَّاهِرُ هُوَ شَعْرُ اللِّحْيَةِ فَوَجَبَ غَسْلُهَا بَدَلًا مِنَ الْبَشَرَةِ وَمَا انْسَدَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ لَيْسَ لِحْيَةً فَمَا يَلْزَمُ غَسْلُهُ فَيَكُونُ غَسْلُ اللِّحْيَةِ بَدَلًا مِنْهُ كَمَا أَنَّ جِلْدَ الرَّأْسِ مَأْمُورٌ بِغَسْلِهِ أَوْ مَسْحِهِ فَلَمَّا نَبَتَ الشَّعْرُ نَابَ مَسْحُ الشَّعْرِ عَنْ مَسْحِ جِلْدَةِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فَهُوَ بَدَلٌ مِنْهُ وَمَا انْسَدَلَ مِنَ الرَّأْسِ وَسَقَطَ فَلَيْسَ تَحْتَهُ بَشَرَةٌ يَلْزَمُ مَسْحُهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّأْسَ الْمَأْمُورَ بِمَسْحِهِ مَا عَلَا وَنَبَتَ فِيهِ الشَّعْرُ وَمَا سَقَطَ مِنْ شَعْرِهِ وَانْسَدَلَ فَلَيْسَ بِرَأْسٍ وَكَذَلِكَ مَا انْسَدَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ لَيْسَ بِوَجْهٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَلِأَصْحَابِ مَالِكٍ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ كَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا غَسْلُ الْيَدَيْنِ فَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا «أَنَّ رَسُولَ الله غَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ»
وَجَاءَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ غَسَلَهُمَا ثَلَاثًا ثلاثا وهو أكمل الوضوء وأتمه
1 / 127