وأخرج أيضًا أن سعدًا كان على رأس سبعة أميال أو ثمانية وكان أحيانًا يأتيها وأحيانًا لا يأتيها، وأخرج أيضًا أن أنسا شهد الجمعة من "الراوية" وهي على فرسخين من "البصرة". وعن أبي هريرة قال تؤتى الجمعة من فرسخين، قال ابن حجر في "التلخيص": قال الأثرم للإمام أحمد بن حنبل: اجمع جمعتان في مصر؟ قال: "لا أعلم أحدًا فعله". انتهى.
قلت: ولذلك ذكر الأئمة من السلف مسائل من زحمه الناس يوم الجمعة وصور زحامه فقد جاء في "المدونة لمالك ﵁" قوله: من أدرك الركعة يوم الجمعة فزحمه الناس بعدما ركع مع الإمام الأولى فلم يقدر على السجود حتى فرغ الإمام من صلاته "قال" يعيد الظهر أربعًا. وقال مالك أيضًا: إن زحمه الناس فلم يستطع السجود إلا على ظهر أخيه أعاد الصلاة ولو بعد الوقت في مسائل أخرى. وكل ذلك مصداق ما قاله الإمام أحمد من أنه لم يعهد التعدد أصلًا. وقال ابن المنذر: لم يختلف الناس أن الجمعة لم تكن تصلى في عهد النبي ﷺ وفي عهد الخلفاء الراشدين إلا في مسجد النبي ﷺ، وفي تعطيل الناس مساجدهم يوم الجمعة واجتماعهم في مسجد واحد أبين البيان بأن الجمعة خلاف سائر الصلوات وأنها لا تصلى إلا في مكان واحد.
وذكر الخطيب في "تاريخ بغداد" أن أول جمعة أحدثت في الإسلام في بلد مع قيام الجمعة القديمة في أيام المعتضد في دار الخلافة من غير بناء مسجد لإقامة الجمعة. وسبب ذلك خشية الخلفاء على أنفسهم في المسجد العام وذلك سنة "٢٨٠". ثم بني في أيام المكتفي مسجد فجمعوا فيه.
وقال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا قال بتعداد الجمعة غير عطاء، وقال الراقعي: لم تقم الجمعة في عهد رسول الله ﷺ ولا في عهد الخلفاء الراشدين إلا في موضع الإقامة ولم يقيموا الجمعة إلا في موضع واحد، ولم يجمعوا إلا في المسجد الأعظم مع أنهم أقاموا العيد في الصحراء والبلد للضعفة وقبائل العرب كانوا مقيمين حول المدينة ما كانوا يصلون الجمعة ثمة ولا أمرهم النبي ﷺ بها، قال الحافظ ابن
1 / 54