فإنه يدل على أنه لا يؤتى الناس قط من قبل علمائهم وإنما يؤتون من قبل إذا مات علماؤهم أفتى من ليس بعالم فيؤتى الناس من قبلهم. قال: وقد صرف عمر ﵁ هذا المعنى تصريفًا فقال: ما خان أمين قط، ولكنه ائتمن غير أمين فخان" قال ونحن نقول: ما ابتدع عالم قط ولكنه استفتي من ليس بعالم فضل وأضل وكذلك فعل ربيعة قال مالك رحمه الله تعالى: بكى ربيعة يومًا بكاء شديدًا فقيل له: أمصيبة نزلت بك؟ قال: لا ولكن استفتي من لا علم عنده، وظهر في الإسلام أمر عظيم.
"انتهى من الباعث لأبي شامة".
١٠- ما يجب على العالم فيما يرد عليه مما يأمن فيه من الابتداع:
لا يخفى أن السلف الصالح بلغوا إلينا هدي النبي ﷺ وسنته، وشرحوا لنا سيرته وطريقته، وميزوا ما نقل عنه مما يجب الرجوع إليه من ذلك وما يطرح كما دون في كتب السنة. فالواجب على العالم فيما يرد عليه من الوقائع، وما يسأل عنه من الشرائع، الرجوع إلى ما دل عليه كتاب الله المنزل، وما صح عن نبيه المرسل، وما كان عليه الصحابة ومن بعدهم من الصدر الأول، فما وافق ذلك أذن فيه وأمر، وما خالفه نهى عنه وزجر، فيكون بذلك قد آمن واتبع، ولا يستحسن، فإن من استحسن فقد شرع. قال أبو العباس أحمد بن يحيى: كان عبد الله بن الحسن يكثر الجلوس إلى ربيعة فتذاكروا يومًا السنن فقال رجل كان في المجلس: ليس العمل على هذا، فقال عبد الله: "أرأيت أن كثر الجهال حتى يكونوا هم الحكام فهم الحجة على السنة" فقال ربيعة: أشهد أن هذا لكلام أبناء الأنبياء. "انتهى من الباعث لأبي شامة".
1 / 20