وقد روى أئمة الحديث والسير عن أمير المؤمنين : أنه كان يرضى عن الصحابة , ويترحم عليهم , وكان يمدحهم ويبالغ في الثناء عليهم , وذلك أمر معروف عند أهل العلم , ولكنا اقتصرنا على نقل كلام أولئك الأئمة من أولاده , لأن روايتهم أقطع لعرق الشك , وأصم لداء اللجاج من رواية غيرهم .
... فهل يليق لمن يعد نفسه من شيعة أمير المؤمنين أن يخالفه هذه المخالفة , فيلعن من كان يرضى عنه ويترحم عليه ؟! .
... وهل هذا إلا من المعاندة والمخالفة لهديه القويم , والخروج عن الصراط المستقيم ؟! .
... فأي خير في تشيع يفضي إلى مثل هذا ويوقع في الهلكة كما ورد : أنه يهلك فيه عليه السلام فرقتان : محب غال , ومبغض غال .
... وفرقة الإمامية هي الفرقة التي غلت في المحبة فهلكت , فمن اقتدى بهم , فهو من جملة الهالكين , بنصوص الأحاديث الصحيحة , وتصريح علماء الدين .
... فيا من يدعي أنه من أتباع الإمام زيد بن علي ! كيف لا تقتدي به ذلك المنهج الجلي ؟!
... ألا ترى كيف رضي بمفارقة تلك الجيوش التي قامت تنصره على منابذة سلاطين الجور , ولم يسمح بالتبري من الشيخين أبي بكر وعمر ؟! بل احتج على الرافضة بأنهما كانا وزيري جده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ولا شك أنه يؤلم الرجل ما يؤلم وزيره , ومن أهان الوزير فقد أهان السلطان .
... ولهذا قال المنصور بالله في كلامه السابق : من تبرأ من الصحابة . فقد تبرأ من محمد .
... ولقد قال الإمام المهدي في ( القلائد ) : إن قضاء أبي بكر في فدك صحيح .
... وروى في هذا الكتاب عن زيد بن علي : أنه قال : لو كنت أبا بكر لما قضيت إلا بما قضى به أبو بكر .
... فتصحيح الإمام المهدي لقضاء أبو بكر , وقول زيد بن علي هذه المقالة , يدل على أنه عدل مرضي , ولو كان عندهما على خلاف ذلك , لما كان حكمه صحيحا .
صفحة ١٠