من رواته، واعتنوا بهم عناية فائقة حتى عد معرفة ذلك عندهم نصف العلم، فقد خرج الرامهرمزي في المحدث الفاصل فروى عن إمام المحدثين في زمانه علي ابن المديني - يرحمه الله - قوله: " معرفة الرجال نصف العلم ". هذا مع قرب الأسانيد وقلة الوسائط بينهم وبين رسول الله ﷺ، فما الظن بمن هو دونهم أن يقول؟ قال شيخنا درة اليمن مقبل بن هادي الوادعي - يرحمه الله -: " وأما نحن فنستطيع أن نقول علم الرجال تسعة من عشرة لبعدنا عن ممارسة هذا الفن، ولنزول بعض الأسانيد كأسانيد الخطيب، والبيهقي، والحاكم، والدارقطني، ومن كان في طبقتهم، فرب راوٍ يبقى الباحث يبحث عنه أياما، ورب راوٍ ينتهي بالباحث ألا يراه ".
قلت: ولا يخفى على العارف بهذا الفن ما يلاقيه المعتنون بالأسانيد من العنت والتعب، في سبيل العثور على تراجم مشايخ أمثال هؤلاء الحفاظ، من أهل القرن الرابع وما بعده، فتراجمهم مبثوثة في تضاعيف كتب الرجال، بخلاف مشايخ الكتب الستة، فإنهم قد حظوا بعناية خاصة بالتعريف بهم، حيث يسهل الوقوف على معرفة أحوالهم عبر كتاب " تهذيب الكمال " و" مختصره ".
فلما تقدم وغيره أحببت أن يكون لي قسط من الأجر في إبراز وتقريب تراجم لرجال بعض هذه الأسانيد النازلة، فقمت بجمع تراجم بعض شيوخ أئمة الحديث ونقاده والرحالين في طلبه، والبحث عنه، ومن هؤلاء الإمام الحافظ الرحالة أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني - يرحمه الله -؛ فقد قمت بجمع شيوخه من جميع كتبه المطبوعة التي وقفت عليها، والتي بلغت خمسة عشر كتابا، وكذا كتب راويته لأبي نعيم الأصبهاني، و" جامع المسانيد " للحافظ عماد الدين ابن كثير،
1 / 11