تعالى، فإنه وجد إطلاق ذلك على أعمال العباد في القرآن وأما اسم الفعل فتردد في إطلاقه ولا مشاحة في الأسامي بعد فهم المعاني.
فإن قيل: الشأن في فهم المعنى وما ذكرتموه غير مفهوم، فإن القدرة المخلوقة الحادثة إن لم يكن لها تعلق بالمقدور لم تفهم؛ إذ قدرة لا مقدور لها محال، كعلم لا معلوم له. وإن تعلقت به فلا يعقل تعلق القدرة بالمقدور إلا من حيث التأثير والايجاد وحصول المقدور به. فالنسبة بين المقدور والقدرة نسبة المسبب إلى السبب وهو كونه به، فإذا لم يكن به لم تكن علاقة فلم تكن قدرة، إذ كل ما لا تعلق له فليس بقدرة إذ القدرة من الصفات المتعلقة.
قلنا: هي متعلقة، وقولكم أن التعلق مقصور على الوقوع به يبطل بتعلق الارادة والعلم، وإن قلتم أن تعلق القدرة مقصور على الوقوع بها فقط فهو أيضًا باطل، فإن القدرة عندكم تبقى إذا فرضت قبل الفعل، فهل هي متعلقة أم لا؟ فإن قلتم لا فهو محال، وإن قلتم نعم فليس المعني بها وقوع المقدور بها، إذ المقدور بعد لم يقع فلا بد من إثبات نوع آخر من التعلق سوى الموقوع بها، إذ التعلق عند الحدوث يعبر عنه بالوقوع به والتعلق قبل ذلك مخالف له فهو نوع آخر من التعلق، فقولكم إن تعلق القدرة به نمط واحد خطأ وكذلك القادرية القديمة عندهم فإنها متعلقة بالعلم في الأزل وقبل خلق العالم، فقولنا أنها متعلقة صادق وقولنا أن العالم واقع بها كاذب، لأنه لم يقع بعد فلو كانا عبارتين عن معنى واحد لصدق أحدهما حيث يصدق الآخر.
فإن قيل: معنى تعلق القدرة قبل وقوع المقدور أن المقدور إذا وقع بها.
قلنا: فليس هذا تعلقًا في الحال بل هو انتظار تعلق، فينبغي أن يقال القدرة موجودة وهي صفة لا تعلق لها ولكن ينتظر لها تعلق إذا وقع وقع المقدور بها، وكذا القادرية ويلزم عليه محال، وهو أن الصفة التي لم تكن من المتعلقات صارت من المتعلقات وهو محال.
فإن قيل: معناه أنها متهيئة لوقوع المقدور بها.
قلنا: ولا معنى للتهيؤ إلا انتظار الوقوع بها، وذلك لا يوجب تعلقًا في الحال. فكما عقل عندكم قدرة موجودة متعلقة بالمقدور والمقدور غير واقع بها عقل عندنا أيضًا قدرة كذلك والمقدور غير واقع بها ولكنه واقع بقدرة الله تعالى، فلم يخالف مذهبنا ههنا مذهبكم إلا في قولنا أنها وقعت بقدرة الله تعالى، فإذا لم يكن من ضرورة وجود القدرة ولا تعلقها بالمقدور وجود المقدور بها؛ فمن أين يستدعي عدم وقوعها بقدرة الله تعالى ووجوده بقدرة الله تعالى لا فضل له على عدمه من حيث انقطاع النسبة عن القدرة الحادثة إذ النسبة، إذا لم تمتنع بعدم المقدور، فكيف تمتنع
1 / 57