إيقاظ أولي الهمم العالية إلى اغتنام الأيام الخالية

أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان ت. 1422 هجري
89

إيقاظ أولي الهمم العالية إلى اغتنام الأيام الخالية

تصانيف

التصوف

وفي اليوم الثاني عاد الرجل وأتى الخياط، وقال له: وجدت في الخياطة بعض العيوب وأراه إياها، فبكى الخياط، فقال له الرجل: ما قصدت أن أحزنك وأنا راض بالثوب، فقال له الخياط: ليس على هذا أبكي لأني عملت جهدي لأتقن لك الخياطة، ثم خرجت هذه العيوب فأنا أبكي على طاعتي لربي، وقد اجتهدت بها عمري فكم فيها من العيوب.

تأمل يا أخي، هذا التفكير لله دره.

وعن أبي عثمان النهدي قال: تضيفت أبا هريرة سبعا، فكان هو وامرأته يتعقبون الليل أثلاثا، يصلي هذا ثم يوقظ هذا، ويصلي هذا ثم يوقظ هذا.

وعن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة، قال: ما وجع أحب إلي من الحمى؛ لأنها تطي كل مفصل قسطه من الوجع، وإن الله تعالى يعطي كل مفصل قسطه من الأجر.

عن عبدالرحمن بن مهدي قال: ليلة بات سفيان عندي فلما اشتد به الأمر جعل يبكي، فقال له رجل: يا أبا عبدالله، أراك كثير الذنوب، فرفع شيئا من الأرض، فقال: والله لذنوبي أهون عندي من ذا إني أخاف أن أسلب الإيمان قبل الموت.

قال ابن القيم:

والله ما خوفي الذنوب فإنها ... لعلى سبيل العفو والغفران

لكنما أخشى انسلاخ القلب من ... تحكي هذا الوحي والقرآن

ورضا بآراء الرجال وخرصها ... لا كان ذاك بمنة المنان

قال وهيب: عجبا للعالم كيف تجيبه دواعي قلبه إلى ارتياح الضحك، وقد علم أن له في القيامة روعات ووقفات وفزعات.

وعن وهيب يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وعظمتي ما من عبد آثر هواي على هواه إلا أقللت همومه وجمعت عليه ضيعته ونزعت الفقر من قلبه وجعلت الغنى بين عينيه واتجرت له من وراء كل تاجر.

وعزتي وجلالي ما من عبد آثر هواه على هواي إلا كثرت همومه وفرقت عليه ضيعته ونزعت الغنى من قلبه، وجعلت الفقر بين عينيه ثم لم أبالي في أي أوديتها هلك.

صفحة ٩٠