﷿ فقد اختلط الأتراك مع البربر، والأكراد مع الأقباط، والعرب مع العجم بسبب القلاقل والأحداث وسوء المعيشة التي أجبرت الناس على التنقل من مكان إلى اخر، ومن قطر إلى قطر. فكان كل عرق يحمل معه عاداته وتقاليده المغايرة لغيرها، ولديه من التقصير والبدع ما لم يعرفه المجتمع الذي نزل به.
وكانت تتغلب تلك العادات والسلوكيات بحسب قوة أهلها وتأثيرهم في الناس كما أنه كان يقيم بين المسلمين عدد كبير من اليهود والنصارى والزنادقة الملحدين، مما سبب في وقوع الصراعات الفكرية والعقدية واستفحالها في ظل الحروب الصليبية والتترية فأشغلت المفكرين والعلماء في المجتمع الإسلامي وعكف كثير منهم للتصدي لهذه العقائد الفاسدة والشبهات الخبيثة.
وساءت الأحوال الاقتصادية بين العامة والزهاد، وانتشرت الفاقة وعم البؤس وكثر قطاع الطرق واللصوص، واشتد الغلاء، وعمد الناس إلى الغش والخداع والحيل والاحتكار، والتطفيف في الكيل والميزان، فألف العلماء بسبب ذلك المؤلفات ليشاركوا في حل هذه المشكلة حلا إسلاميّا، ودعوا إلى النظر في مصالح العامة وفرض التسعيرات الجبرية عند اشتداد الغلاء، والضرب على أيدي المطففين والمحتكرين. من ذلك ما كتبه شيخ الطوفي وابن عمره، شيخ الإسلام ابن تيمية- ﵀ في كتاب الحسبة في الإسلام، والسياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية. في حين أن السلاطين وذوي الوزارات والوجاهات يعيشون في ترف وبذخ. فقصور الأمراء والأعيان فيها من مظاهر المتعة والأثاث وسائر الممتلكات ما يشهد بذلك.
فالأمراء والسلاطين يستولون على أموال كثيرة أثناء الحروب، وخاصة في عهد المماليك فيتلاعبون بها ويقطعون الأمراء والنواب والموالين لهم الاقطاعات
1 / 29