الانتصار لسيبويه على المبرد
محقق
د. زهير عبد المحسن سلطان
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م
تصانيف
هذا، ويا رجل فكأنهم قالوا يا أي هذا ويا أي ها الرجل] لأنهما وصفان لأي، فأي كأنها موجودة إذا دعيا، فلما حذفت/ ٨١/ أي ألزموهما (يا) عوضا عن حذف أي، إلا أن سيبويه يجيز حذف (يا) من النكرة خاصة وإن كان ذلك ضعيفا عنده، ونحن نذكره بعد هذا الفصل.
وإما الاعتلال الذي أتى به محمد بن يزيد عن المازني في أن (يا) إنما ألزمت هذا في النداء، لأنه اسم أصله أن يشير به الواحد إلى غيره، فلما ناديته ذهبت منه الإشارة، فعوض حذف التنبيه فخطأ، لأن باب النداء يحول الأسماء- أسماء الإشارة وغيرها- إلى الخطاب كتحويله أسماء الغيبة إلى المخاطبة إذا قلت: يا زيد، فلو كان التحويل عما عليه الاسم في الأصل إلى غيره يوجب له التعويض هاهنا لوجب ألا يحذف (يا) من اسم منادى البته، لأنها كلها قد تحولت إلى الخطاب وإن كانت في الأصل غير مخاطبة، والتعويض هاهنا من اللفظ "الذي" حذف أولى، أعني لفظ أي، وهو قول سيبويه، وإنما وقع الحذف من بعضها فعوض في الموضع الذي وقع الحذف، وأما التحويل إلى الخطاب فقام في الباب ولم تعوض منه العرب.
وأما قوله في رجل: إنه لما منع الألف واللام في النداء عوض لزوم التنبيه، فمن قوله: "إن" يا رجل معناه يا أيها الرجل، وليست تدخله الألف واللام وهو منادى البتة، إنما تدخله وهو وصف لمنادى، والمنادى محذوف، فالتعويض منه أولى، لأن التعريف في النداء بغير ألف ولام وإنما هو بالإحساس، فكان التعويض مما يلفظ به في النداء ويحذف أعني أيا أولى من التعويض من شيء لا يكون في النداء مستعملا، وقد أدى عن معناه غيره كالألف واللام التي أدى عن معناها الاختصاص واستغنى عنها في النداء، فما الحاجة إلى التعويض من شيء لا يقع البتة وقد ناب عنه غيره وقام مقامه سواه؟
1 / 150