178

الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار

محقق

رسالة دكتوراة من قسم العقيدة في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية بإشراف الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد ١٤١١ هـ

الناشر

أضواء السلف

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م

مكان النشر

الرياض - السعودية

القدرية أشبه بمذهب المجبرة لقولهم إن الاستطاعة لا توجد مع العمل وإنما هي متقدمة الوجود والأعمال تتولد منها (^١). وأصحاب الحديث يقولون بخلاف هذين المذهبين فلا يلزمهم الجواب عن هذا الإلزام. والجواب الثاني: أن عبدة الأصنام أكثرهم ليسوا قدرية، بل يقرون إن الله خلقهم وبذلك أخبر الله عنهم (^٢) وإنما يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله (^٣) ومن يقول: إن الله خلقه فإنه يقر أن جميع حركاته خلق لله؛ لأنها من سائر صفاته كلونه وسمعه وبصره وسائر الأعراض فيه، ولم يخالف بذلك إلا القدرية، وعبدة الأصنام منزهون عن قولهم (^٤). والجواب الثالث: أنه لو تصور أن يكون قوم إبراهيم قدرية وخاطبوه بهذا

(^١) انظر: ص ٢١٤ في بيان قول المعتزلة في الاستطاعة ووجه كونهم جبرية. (^٢) قال الله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾. لقمان آية (٢٥). وقوله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ الآية المؤمنون آية (٨٤، ٨٥). (^٣) يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ الآية الزمر آية (٣). (^٤) إلا أن عبدة الأصنام لهم قول في القدر قبيح وهو القول بالجبر وإنكار الأمر والنهي فنسبوا إلى الله عزوجل كل ما يكون من شركهم وفسقهم قال الله تعالى: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾ الأنعام آية (١٤٨) وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ النحل آية (٣٥). فأثبتوا هنا القدر ومشيئة الله جل وعلا وجعلوها حجة في إنكار الأمر والنهي، لهذا بين الله ضلالهم واستحقاق الذين من قبلهم العذاب بسببه فقال بعد آية الأنعام: ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَخْرُصُونَ﴾ وقول المشركين شر من قول المعتزلة لإبطالهم الأمر والنهي ونسبتهم القبائح إلى محبة الله ورضاه، وأما المعتزلة فإنهم يعظمون الأمر والنهي إلا أنهم ينكرون القدر ظنًا منهم أن بين القدر والأمر والنهي تعارض". وللاستزيادة من هذا المعنى انظر: كلام شيخ الإسلام في محموع الفتاوى ٨/ ٩٩ - ١٠٥.

1 / 195