الإنصاف في التنبيه على المعاني والأسباب التي أوجبت الاختلاف

البطليوسي ت. 521 هجري
90

الإنصاف في التنبيه على المعاني والأسباب التي أوجبت الاختلاف

محقق

د. محمد رضوان الداية

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٣

مكان النشر

بيروت

وَقد ترد الْآيَة والْحَدِيث بِلَفْظ مُشْتَرك يحْتَمل تأويلات كَثِيرَة ثمَّ ترد آيَة اخرى أَو حَدِيث آخر بتخصيص ذَلِك اللَّفْظ الْمُشْتَرك وقصره على بعض تِلْكَ الْمعَانِي دون بعض كَقَوْلِه عز من قَائِل ﴿ووجدك ضَالًّا فهدى﴾ فَإِن لَفْظَة الضلال لما كَانَت مُشْتَركَة تقع على معَان كَثِيرَة توهم قوم مِمَّن لم يكن لَهُ فهم صَحِيح بِالْقُرْآنِ وَلَا معرفَة ثاقبة بِاللِّسَانِ أَنه أَرَادَ الضلال الَّذِي هُوَ ضد الْهدى فزعموا أَنه كَانَ على مَذْهَب قَوْله أَرْبَعِينَ سنة وَهَذَا خطأ فَاحش نَعُوذ بِاللَّه من اعْتِقَاده فِيمَن طهره الله تَعَالَى لنبوته وارتضاه لرسالته وَلَو لم يكن فِي الْقُرْآن الْعَزِيز مَا يرد قَوْلهم لَكَانَ فِيمَا ورد من الْأَخْبَار المتواترة مَا يرد عَلَيْهِم ذَلِك لِأَنَّهُ قد رُوِيَ أَنهم كَانُوا يسمونه فِي الْجَاهِلِيَّة الْأمين وَكَانُوا يرتضونه حكما لَهُم وَعَلَيْهِم وَكَانَت عِنْدهم أَخْبَار كَثِيرَة يروونها وانذارات من أهل الْكتاب والكهان بِأَنَّهُ يكون نَبيا وَلَوْلَا أَن كتَابنَا هَذَا لَيْسَ مَوْضُوعا لَهَا لاقتصصناها فيكف وَالْقُرْآن الْعَزِيز قد كفانا هَذَا كُله بقوله ﷿ فِي سُورَة يُوسُف ﵇ ﴿نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص بِمَا أَوْحَينَا إِلَيْك هَذَا الْقُرْآن وَإِن كنت من قبله لمن الغافلين﴾ فَهَذَا نَص جلي فِي شرح مَا وَقع فِي تِلْكَ الْآيَة من الْإِبْهَام وَبَين أَيْضا أَنه تَعَالَى انما أَرَادَ الضلال

1 / 119