151

الإنصاف في التنبيه على المعاني والأسباب التي أوجبت الاختلاف

محقق

د. محمد رضوان الداية

الناشر

دار الفكر

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٣

مكان النشر

بيروت

فَإِن قلت مَا معنى هَذِه الصّفة وَكَيف تَلْخِيص القَوْل فِيهَا فَالْجَوَاب أَن معنى ذَلِك أَن الله تَعَالَى جعله خَليفَة فِي أرضه وَجعل لَهُ عقلا يعلم بِهِ ويفكر ويسوس وَيُدبر وَيَأْمُر وَيُنْهِي وسلط على جَمِيع مَا فِي الْبر وَالْبَحْر وسخر لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض
وَقد قَالَ فِي نَحْو هَذَا بعض الْمُحدثين يمدح بعض خلفاء بني أُميَّة ... أمره من أَمر من ملكه ... فاذا مَا شَاءَ عافى وابتلى ...
فَيكون معنى قَوْلنَا فِي أَدَم ﷺ أَنه خلق على صُورَة الله تَعَالَى كمعنى قَوْلنَا فِيهِ انه خَليفَة الله تَعَالَى وَهَذِه التأويلات كلهَا لَا تَقْتَضِي تَشْبِيها وَلَا تحديدا
فَإِن قلت كَيفَ تصنع بِالْحَدِيثِ الْمَرْوِيّ عَنهُ ﷺ رَأَيْت رَبِّي فِي أحسن صُورَة وَهَذَا لَا يمكنك فِيهِ شَيْء من التَّأْوِيل الْمُتَقَدّم وَلَا يَصح لَك حمله عَلَيْهِ فَالْجَوَاب أَن هَذَا الحَدِيث ورد بِلَفْظ مُشْتَرك يحْتَمل مَعْنيين
أَحدهمَا أَن يكون قَوْله فِي أحسن صُورَة رَاجعا الى الرَّائِي لَا الى المرئي فَيكون مَعْنَاهُ رَأَيْت رَبِّي وَأَنا فِي أحسن صُورَة
وَالثَّانِي أَن يكون قَوْله فِي أحسن صُورَة رَاجعا الى المرئي

1 / 184