"تَضْرِبْنَ" وحذفوا الهمزة من أخوات "أُكْرِمُ" نحو "نُكْرِم، وتُكْرِم، ويُكْرِم" والأصل فيه "نُؤَكْرِم، وتُؤَكْرِم، ويُؤَكْرِم" كما قال:
[١]
فإنه أهل لأن يُؤَكْرَما
حملًا على أُكْرِم وإنما حذفت إحدى الهمزتين من"أُكرم" لأن الأصل فيه "أُأَكْرِم" فلما اجتمع فيه همزتان كرهوا اجتماعهما؛ فحذفوا إحداهما تخفيفًا، ثم حملوا سائر أخواتها عليها في الحذف، وكذلك حذفوا الواو من أخوات يَعِدُ، نحو "أَعِدُ، ونَعِدُ، وتَعِدُ" والأصل فيها: "أَوْعِد، ونَوْعِد، وتَوْعِد، حملًا على يَعِد، وإنما حذفت الواو من"يعد" لوقوعها بين١ ياء وكسرة ثم حملوا سائر أخواتها عليها
_________
[١] هذا البيت من الرجز المشطور، وهو لأبي حيّان الفقعسي، ومع كثرة ترديد النحاة وأهل اللغة لهذا الشاهد فإني لم أقف له على سوابق أو لواحق، وقد استشهد به ابن هشام في أوضحه"رقم ٥٨٠" والأشموني "رقم ١٢٥٢" وأنظره في اللسان أيضًا "ك ر م" وقوله "أهل" معناه مستحق وذو أهلية، و"يؤكرم" بالبناء للمجهول، وأراد يكرم. والشاهد فيه قوله "يؤكرم" فإن هذه الكلمة قد جاءت على الأصل الأصيل، لكنها مخالفة للاستعمال المُتْلَئِب، لأنهم يحذفون الهمزة من مضارع أفعل كأكرم وأورد وأوفى وذلك لأنهم استثقلوا وجود همزتين متواليتين في أول الكلمة في قولهم "أأكرم" وحملوا "نؤكرم" و"تؤكرم" و"يؤكرم" على المبدوء بهمزة المضارعة قصدًا إلى التجانس ومعاملة للأشباه معاملة واحدة، وإن لم يكن في المبدوء بالنون والياء والتاء من الثقل مثل ما في المبدوء بالهمزة، وقد عاود هذا الراجز الأصل المهجور حين اضطر لإقامة الوزن، ونظيره قول خطام المجاشعي، وانظره في اللسان "ث ف ى":
لم يبقَ منْ آي بها يُحَلَّيْن" ... غيرُ خِطَامٍ ورمادٍ كِنْفَيْنِ
وصَالِيَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْن
_________
١ جملة ما يشترط لحذف الواو التي هي فاء الفعل من المضارع ثلاثة شروط:
الأول: أن تكون ياء المضارعة مفتوحة، فلو كانت الياء مضمومة كما في نحو يوافق ويوائم وكما في نحو يوعد ويولد ويوزن -بالبناء للمجهول- لم تحذف الواو؛ لأن ضمة الياء تجانس الواو فتشدّ أزرها وتمنعها من تسلّط الياء عليها.
والشرط الثاني: أن تكون عين الفعل مكسورة، فلو كانت العين مضمومة نحو يوجه ويوضؤ، أو كانت مفتوحة نحو يوهل، ونحو يوصل ويوعد ويوفى -بالبناء للمجهول- لم تحذف الواو؛ لأن الفتحة التي بعدها لا تجانس الياء التي قبلها فلا تتقوى بها الياء.
والشرط الثالث: أن يكون وقوع الواو بين ياء مفتوحة وكسرة في فعل، فلو كان وقوع ذلك في اسم نحو يوعيد –على مثال يقطين من الوعد لم تحذف الواو.
1 / 12