٥ - حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَأَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي، وَمِنْ أَبِي السَّائِبِ، جَمِيعًا، وَكُنَّا جَلِيسَيْنِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ، هِيَ خِدَاجٌ، هِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، ⦗١٩١⦘ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: وَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبَّادِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنِ الرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا، يَعْنِي كَمَا رَوَاهُ أَبُو أُوَيْسٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا أَعْلَمُ حَدِيثًا فِي سُقُوطِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ أَوَّلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَبْيَنَ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ هَذَا؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " اقْرَءُوا: يَقُولُ الْعَبْدُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] " فَبَدَأَ بِهَا دُونَ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] فَعَدَّهَا آيَةً، ثُمَّ قَالَ: " يَقُولُ الْعَبْدُ: ﴿الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] " فَعَدَّهَا آيَةً، ثُمَّ قَالَ: " يَقُولُ الْعَبْدُ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ فَعَدَّهَا آيَةً، ثُمَّ قَالَ: " يَقُولُ الْعَبْدُ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥] فَعَدَّهَا آيَةً، فَتَمَّتْ أَرْبَعُ آيَاتٍ، ثُمَّ قَرَأَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، وَقَالَ: «هَؤُلَاءِ لِعَبْدِي» وَلَمْ يَقُلْ هَاتَانِ لِعَبْدِي، وَهَؤُلَاءِ إِشَارَةٌ إِلَى جَمَاعَةٍ، فَعُلِمَ أَنَّهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ، وَتَقَدَّمَتْ أَرْبَعُ آيَاتٍ ⦗١٩٢⦘ تَتِمَّةَ سَبْعِ آيَاتٍ، وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ، فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ: ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] آيَةٌ، وَبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَيْسَتْ آيَةً مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ، وَهَذَا عَدُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالشَّامِ، وَالْبَصْرَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ مَكَّةَ، والْكُوفَةِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْقُرَّاءِ، فَيَعُدُّونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَوَّلَ آيَةٍ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَلَيْسَتْ: ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] بِآيَةٍ عِنْدَهُمْ، فَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَفَعَ الْإِشْكَالَ فِي سُقُوطِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَأَمَّا أَبُو السَّائِبِ: فَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَشَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، وَبُكَيْرٌ الْأَشَجُّ، وَصَيْفِيٌّ مَوْلَى ⦗١٩٣⦘ أَفْلَحَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَقِيلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَالْإِسْنَادُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِي أَبِي السَّائِبِ هَذَا أَنَّهُ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مَوْلَى الْأَنْصَارِ، وَقِيلَ: مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ وَقِيلَ: مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ، وَقِيلَ: مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ، هَكَذَا ⦗١٩٤⦘ قَالَ الْحَافِظُ مِنْ أَصْحَابِ الْعَلَاءِ، وَكَانَ أَبُو السَّائِبِ هَذَا مِنْ جُلَسَاءِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ مَوْلَى جُهَيْنَةَ وَالِدُ الْعَلَاءِ، فَرَوَى عَنْهُ ابْنُهُ الْعَلَاءُ، رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَهُ بِجَرْحِهِ وَأَمَّا الْعَلَاءُ فَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاحْتَمَلُوهُ، وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي فَوْقَ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ ⦗١٩٥⦘ عَمْرٍو وَأَمَّا ابْنُ مَعِينٍ فَقَالَ: الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَيْسَ حَدِيثُهُ بِحُجَّةٍ، وَهُوَ وَسُهَيْلٌ قَرِيبٌ مِنَ السَّوَاءِ، هَذِهِ حِكَايَةُ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَيْسَ بِذَاكَ لَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَتَّقُونَ حَدِيثَهُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: رَوَى عَنِ الْعَلَاءِ الثِّقَاتُ، وَأَنَا أُنْكِرُ مِنْ حَدِيثِهِ ⦗١٩٦⦘ أَشْيَاءَ قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَيْسَ بِالْمَتِينِ عِنْدَهُمْ، وَقَدِ انْفَرَدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ يُوجَدُ إِلَّا لَهُ، وَلَا تُرْوَى أَلْفَاظُهُ عَنْ أَحَدٍ سِوَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ⦗١٩٧⦘. وَقَدْ رَوَى مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ عِنْدَهُمْ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ لَا يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ: تُعَضِّدُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ رِوَايَةَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ: اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ يَا فَارِسِيُّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْعَلَاءِ: «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي ⦗١٩٨⦘ وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» أَيْ: قَسَمْتُ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ هَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ مَنْ رَأَى سُقُوطَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ، وَدَلِيلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ بِأَثَرِ ذَلِكَ: " اقْرَءُوا، يَقُولُ الْعَبْدُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] الْحَدِيثَ قَالُوا: وَجَائِزٌ أَنْ يُعَبِّرَ عَنِ الْقِرَاءَةِ بِالصَّلَاةِ كَمَا يُعَبِّرُ عَنِ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ، قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ [الإسراء: ٧٨] أَيْ قِرَاءَةَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ﴿إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: ٧٨] أَيْ صَلَاةَ الْفَجْرِ وَأَمَّا مَنْ رَأَى إِثْبَاتَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُحَالَ اسْمُ الصَّلَاةِ إِلَى الْقِرَاءَةِ إِلَّا بِمَا لَا إِشْكَالَ فِيهِ مِنَ الْمَجَازِ، وَبِالدَّلِيلِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ ⦗١٩٩⦘ قَالُوا: وَمَعْنَى قَوْلِهِ ﵇ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ اسْمُهُ: «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ» أَنَّ الصَّلَاةَ دُعَاءٌ وَعُبَادَةٌ، فَمِنَ الْعَبْدِ الدُّعَاءُ، وَمِنَ اللَّهِ الْإِجَابَةُ، وَمِنَ الْعَبْدِ الطَّاعَةُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، وَمِنَ اللَّهِ تَعَالَى الْجَزَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ وَالْهُدَى قَالُوا: فَهَذَا مَعْنَى السُّورَةِ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الدُّعَاءَ بِالْهُدَى بَعْدَ التَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ، وَمِنَ اللَّهِ الْإِجَابَةُ وَالْجَزَاءُ، فَهَذَا مَعْنَى قَسْمِ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ عَلَى ظَاهِرِ الْكَلَامِ دُونَ إِحَالَةِ لَفْظِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ⦗٢٠٠⦘ وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ الْمَعْنَى فِي ابْتِدَائِهِ الْقِرَاءَةَ بِـ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهِ مِنَ الِابْتِدَاءِ بِـ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢]
1 / 190