137

زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه

محقق

-

الناشر

مكتبة دار القلم والكتاب،الرياض

الإصدار

الأولى ١٤١٦هـ/ ١٩٩٦م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

والسموات، فإنه ليس في أجناس المخلوقات ما يتفاضل بعضه على البعض كبني آدم.
بل إن هذا التفاضل في المحبة يعلمه كل إنسان من نفسه بحسب الحب الذي قام في قلبه لأي محبوب كان، سواء كان حبًا لولده أو لامرأته أو لرياسته أو لصديقه أو غير ذلك، فإن حبه لهذه الأشياء على درجات، فالحب أوله علاقة لتعلق القلب بالمحبوب، ثم صبابة لانصباب القلب نحوه، ثم غرام للزومه القلب كما يلزم الغريم غريمه، إلى غير ذلك من درجات الحب وهذا أمر يجده الإنسان في نفسه فإنه قد يكون الشيء الواحد يحبه تارة أكثر مما يحبه تارة، فإذا علم تفاضل الناس في حب هذه الأشياء من محبوباتهم، فتفاضلهم في حب الله أعظم.
وقد دل كتاب الله وسنة رسوله ﷺ على تفاضل الناس فيها قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ...﴾ ١.
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ ٢.
فهاتان الآيتان فيهما دلالة على تفاضل الناس في المحبة، ففي قوله: ﴿أَشَدُّ حُبًّا﴾ في الآية الأولى وقوله: ﴿أَحَبَّ﴾ في الآية الثانية أعظم دلالة على ذلك، لاستخدام أفعل التفضيل فيهما الدال صراحة على

١ سورة البقرة الآية: ١٦٥.
٢ سورة التوبة، الآية: ٢٤.

1 / 149