129

زيادة الإيمان ونقصانه وحكم الاستثناء فيه

محقق

-

الناشر

مكتبة دار القلم والكتاب،الرياض

الإصدار

الأولى ١٤١٦هـ/ ١٩٩٦م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

ومما يوضح هذا الوجه في التفاضل في تصديق القلب، أن التصديق المستلزم لعمل القلب أكمل من التصديق الذي لا يستلزم عمله١، فالعلم الذي يعمل به صاحبه أكمل من العلم الذي لا يعمل به، فمن آمن وصدق بأن الله حق، ورسوله حق، والجنة حق، والنار حق، وأوجب له هذا التصديق محبة الله وخشيته والرغبة في الجنة، والهرب من النار، فإيمان هذا أكمل ممن آمن وصدق بهذه الأمور إلا أن إيمانه لم يوجب له ذلك.
قال النووي بعد أن ذكر قول من قال إن التصديق لا يزيد ولا ينقص وإنه متى قبل الزيادة كان شكا وكفرًا، قال: "والأظهر والله أعلم أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الأدلة ولهذا يكون إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم بحيث لا تعتريهم الشبه، ولا يتزلزل إيمانهم بعارض، بل لا تزال قلوبهم منشرحة نيرة وإن اختلفت عليهم الأحوال، وأما غيرهم من المؤلفة ومن قاربهم ونحوهم فليسوا كذلك، فهذا مما لا يمكن إنكاره ... "٢.
وقال النووي أيضًا. "والناس يتفاضلون في تصديق القلب على قدر علمهم ومعاينتهم فمن زيادته بالعلم قوله تعالى: ﴿أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا﴾ ومن المعاينة قوله تعالى: ﴿لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ﴾ فجعل له مزية على علم اليقين والله أعلم "٣.

١ وقد جعل شيخ الإسلام هذا وجهًا مستقلًا، لكن يبدو أنه مرتبط بالذي قبله، وأنه بمثابة التوضيح له.
٢ شرح صحيح مسلم للنووي (١/١٤٨، ١٤٩)، وانظر أيضا نحو هذا في فتاويه المسماة بـ"المسائل المنثورة" (ص ١٩٤) .
٣ شروح البخاري (١/ ٢٢٦) .

1 / 141