الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

ابن تيمية ت. 728 هجري
213

الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم"(¬1). فإذا كان جملة قريش أفضل من غيرها، لم يلزم أن يكون كل منهم أفضل من غيرهم، بل في سائر العرب وغيرهم من المؤمنين من هو أفضل من أكثر قريش، والسابقون الأولون من قريش نفر معدودون، وغالبهم إنما أسلموا عام الفتح، وهم الطلقاء.

وليس كل المهاجرين من قريش، بل المهاجرون من قريش وغيرهم - كابن مسعود الهذلي، وعمران بن حصين الخزاعي، والمقداد بن الأسود الكندي - وهؤلاء وغيرهم من البدريين أفضل من أكثر بني هاشم، فالسابقون من بني هاشم: حمزة وعلي وجعفر وعبيدة بن الحارث أربعة أنفس. وأهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر ، فمنهم من بني هاشم ثلاثة، وسائرهم أفضل من سائر بني هاشم.

وهذا كله بناء على أن الصلاة والسلام على آل محمد وأهل بيته تقتضي أن يكونوا أفضل من سائر أهل البيوت. وهذا مذهب أهل السنة والجماعة الذين يقولون: بنو هاشم أفضل قريش، وقريش أفضل العرب، والعرب أفضل بني آدم.

وهذا هو المنقول عن أئمة السنة، كما ذكره حرب الكرماني عمن لقيهم، مثل أحمد وإسحاق وسعيد بن منصور وعبد الله بن الزبير الحميدي وغيرهم.

وذهبت طائفة إلى منع التفضيل بذلك، كما ذكره القاضي أبو بكر، والقاضي أبو يعلى في "المعتمد" وغيرهما.

صفحة ٢١٤