الخامس: أن قول القائل عن بعض الصحابة؛ إنه رأس الآيات وأميرها وشريفها وسيدها، كلام لا حقيقة له. فإن أريد أنه أول من خوطب بها، فليس كذلك؛ فإن الخطاب يتناول المخاطبين تناولا واحدا، لا يتقدم بعضهم بما تناوله عن بعض.
وإن قيل: إنه أول من عمل بها، فليس كذلك؛ فإن في الآيات آيات قد عمل بها من قبل علي، وفيها آيات لم يحتج علي أن يعمل بها.
وإن قيل: إن تناولها لغيره أو عمل بها مشروط به، كالإمام في الجمعة، فليس الأمر كذلك، فإن شمول الخطاب لبعضهم ليس مشروطا بشموله لآخرين، ولا وجوب العمل على بعضهم مشروط على آخرين بوجوبه.
وإن قيل: إنه أفضل من عني بها، فهذا يبني على كونه أفضل الناس. فإن ثبت ذلك فلا حاجة إلى الاستدلال بهذه الآية، وإن لم يثبت لم يجز الاستدلال بها، فكان الاستدلال بها باطلا على التقديرين.
وغاية ما عندكم أن تذكروا أن ابن عباس كان يفضل عليا، وهذا مع أنه كذب على ابن عباس، وخلاف المعلوم عنه، فول قدر أنه قال ذلك - مع مخالفة جمهور الصحابة - لم يكن حجة.
السادس: أن قول القائل: لقد عاتب الله أصحاب محمد في القرآن وما ذكر عليا إلا بخير، كذب معلوم. فإنه لا يعرف أن الله عاتب أبا بكر في القرآن، بل ولا أنه ساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال في خطبته "أيها الناس اعرفوا لأبي بكر حقه، فإنه لم يسؤني يوما قط"(¬1).
صفحة ٢٠٦