الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

ابن تيمية ت. 728 هجري
191

الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

فهذا أمر يعرف بالتواتر والضرورة: أن الذين أقاموا الإسلام وثبتوا عليه حين الردة، وقاتلوا المرتدين والكفار، هم داخلون في قوله: { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لآئم } [المائدة: 54].

وأما علي رضي الله عنه فلا ريب أنه ممن يحب الله ويحبه الله لكن ليس بأحق بهذه الصفة من أبي بكر وعمر وعثمان، ولا كان جهاده للكفار والمرتدين أعظم من جهاد هؤلاء، ولا حصل به من المصلحة للدين أعظم مما حصل بهؤلاء، بل كل منهم له سعي مشكور وعمل مبرور وآثار صالحة في الإسلام، والله يجزيهم عن الإسلام وأهله خير جزاء، فهم الخلفاء الراشدون، والأئمة المهديون الذين قضوا بالحق، وبه كانوا يعدلون.

وأما أن يأتي إلى أئمة الجماعة الذين كان نفعهم في الدين والدنيا أعظم، فيجعلهم كفارا أو فساقا ظلمة، ويأتي إلى من لم يجر على يديه من الخير مثل ما جرى على يد واحد منهم، فيجعله الله أو شريكا لله أو شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الإمام المعصوم الذي لا يؤمن إلا من جعله معصوما منصوصا عليه، ومن خرج عن هذا فهو كافر، ويجعل الكفار المرتدين الذي قاتلهم أولئك كانوا مسلمين، ويجعل المسلمين الذين يصلون الصلوات الخمس، ويصومون شهر رمضان، ويحجون البيت، ويؤمنون بالقرآن يجعلهم كفارا لأجل قتال هؤلاء.

فهذا عمل أهل الجهل والكذب والظلم والإلحاد في دين الإسلام، عمل من لا عقل له ولا دين ولا إيمان.

والعلماء دائما يذكرون أن الذي ابتدع الرفض كان زنديقا ملحدا مقصوده إفساد دين الإسلام ولهذا صار الرفض مأوى الزنادقة الملحدين من الغالية والمعطلة، كالنصيرية والإسماعيلية ونحوهم.

صفحة ١٩٢