الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

ابن تيمية ت. 728 هجري
152

الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

الخامس: أن قول القائل: إنهم بعثوا بهذه الثلاثة. إن أراد أنهم لم يبعثوا إلا بها، فهذا كذب على الرسل. وإن أراد أنها أصول ما بعثوا به، فهذا أيضا كذب؛ فإن أصول الدين التي بعثوا بها: من الإيمان بالله واليوم الآخر وأصول الشرائع، أهم عندهم من ذكر الإيمان بواحد من أصحاب نبي غيرهم، بل ومن الإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن الإقرار بمحمد يجب عليهم مجملا، كما يجب علينا نحن الإقرار بنبواتهم مجملا، لكن من أدركه منهم وجب عليه الإيمان بشرعه على التفصيل كما يجب علينا. وأما الإيمان بشرائع الأنبياء على التفصيل، فهو واجب على أممهم، فكيف يتركون ذكر ما هو واجب على أممهم، ويذكرون ما ليس هو الأوجب؟

الوجه السادس: أن ليلة الإسراء كانت بمكة قبل الهجرة بمدة. قيل: إنها سنة ونصف. وقيل: إنها خمس سنين. وقيل غير ذلك. وكان علي صغيرا ليلة المعراج، لم يحصل له هجرة، ولا جهاد، ولا أمر يوجب أن يذكره به الأنبياء. والأنبياء لم يكونوا يذكروا عليا في كتبهم أصلا، وهذه كتب الأنبياء الموجودة التي أخرج الناس ما فيها من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، ليس في شيء منها ذكر علي، بل ذكروا أن في التابوت الذي كان فيه عند المقوقس صور الأنبياء صورة أبي بكر وعمر مع صورة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه بها يقيم الله أمره. وهؤلاء الذين أسلموا من أهل الكتاب لم يذكر أحد منهم أنه ذكر علي عندهم، فكيف يجوز أن يقال: إن كلا من الأنبياء بعثوا بالإقرار بولاية علي ولم يذكروا ذلك لأممهم ولا نقله أحد منهم؟.

الفصل العشرون

الرد على من أثبت لعلي الإمامة بزعمه أنه أذن واعية دون غيره

قال الرافضي: "البرهان العشرون: قوله تعالى: { وتعيها أذن واعية } [الحاقة: 12].

وفي تفسير الثعلبي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي.

صفحة ١٥٣