الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

ابن تيمية ت. 728 هجري
137

الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر"(¬1). وهذا لبسطه موضوع آخر .

والمقصود هنا أنه يمتنع أن يقال: لا علامة للنفاق إلا بغض علي، ولا يقول هذا أحد من الصحابة، لكن الذي قد يقال: إن بغضه من علامات النفاق، كما في الحديث المرفوع: ”لا يبغضني إلا منافق“(¬2)، فهذا يمكن توجيهه، فإنه من علم ما قام به علي رضي الله عنه من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله، ثم أبغضه على ذلك، فهو منافق.

ونفاق من يبغض الأنصار أظهر؛ فإن الأنصار قبيلة عظيمة لهم مدينة، وهم الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبل المهاجرين، وبالهجرة إلى دارهم عز الإيمان، واستظهر أهله، وكان لهم من نصر الله ورسوله ما لم يكن لأهل مدينة غيرهم، ولا لقبيلة سواهم فلا يبغضهم إلا منافق. ومع هذا فليسوا بأفضل من المهاجرين، بل المهاجرون أفضل منهم.

فعلم أنه لا يلزم من كون بغض الشخص من علامات النفاق أن يكون أفضل من غيره. ولا يشك من عرف أحوال الصحابة أن عمر كان أشد عداوة للكفار والمنافقين من علي، وأن تأثيره في نصر الإسلام وإعزازه وإذلال الكفار والمنافقين أعظم من تأثير علي، وأن الكفار والمنافقين أعداء الرسول يبغضونه أعظم مما يبغضون عليا.

صفحة ١٣٨