2- ورويناه في كتاب ((عمل اليوم والليلة)) لابن السني من حديث صالح ابن الإمام أحمد، عن إبراهيم بن مهدي، حدثنا أبو حفص الأبار، عن إسماعيل الأودي، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أول من صنعت له الحمامات والنورة سليمان بن داود صلى الله عليهما، فلما دخله [وجد حره] وحبر غمه قال: أوه من عذاب الله أوه ثم أوه قبل أن لا يكون أوه)) وكان سبب ذلك على ما ذكره أهل التفسير وأصحاب التواريخ قدوم بلقيس عليه قال الله عز وجل في آخر القصة من سورة النحل {قيل لها ادخلي الصرح} الآية. وذلك أن سليمان عليه السلام أراد أن ينظر إلى قدميها وساقيها من غير أن يسألها كشفها لما قالت الشياطين: إن رجليها كحافر الحمار وأنها شعراء الساقين فأمر الشياطين فبنوا له صرحا أي قصرا من زجاج، وقيل بيتا من زجاج كأنه الماء بياضا، وأجرى تحته الماء وألقى فيه كل شيء من دواب البحر: السمك والضفادع وغيرهما، ثم وضع سريره في صدره وجلس، وعكفت عليه الجن والإنس والطير ثم دعا بلقيس، فلما قيل لها ادخلي الصرح، فلما رأته حسبته لجة -وهي معظم الماء- وكشفت عن ساقيها لتخوضه إلى سليمان، فنظر سليمان فإذا هي أحسن الناس ساقا وقدما إلا أنها كانت شعراء الساقين، فلما رأى سليمان ذلك حيرت بصره عنها وناداها {إنه صرح ممرد من قوارير، قالت: رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} فلما أسلمت أراد أن يتزوجها وكره ما رأى من كثرة شعر ساقيها فسأل الإنس ما يذهب هذا؟ قالوا: المواسي فقالت المرأة: لم تمسني حديدة قط، فكره سيلمان المواسي، وقال: إنها تقطع ساقها قال للجن فقالوا: لا ندري ثم قال للشياطين فقالوا: إنا نحتال لك حتى تكون كالفضة البيضاء، فاتخذوا الحمام والنورة، فكان النورة والحمام من يومئذ.
ثم إن الأعاجم والروم لم يزالوا يعتادونه إلى هذا الزمان، وأما العرب فلم تكن تعرف في بلادهم إلا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الصحابة. وروي أن بعضهم دخله، وجاء أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أم الدرداء فقال: ((من أين يا أم الدرداء؟ قالت: من الحمام)) الحديث وهو ضعيف.
صفحة ٣٢