اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية لابن عبد الهادي

ابن عبد الهادي المقدسي ت. 744 هجري
64

اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية لابن عبد الهادي

محقق

سامي بن محمد بن جاد الله

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

أَنْفُسَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٧] مثل قوله: ﴿إلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ١٣٠]، وقد ذهب الكوفيون وابن قتيبة إلى أنَّ مثل هذا منصوبٌ على التمييز وإن كان معرفة، وقد ذكروا لذلك شواهد كثيرة من كلام العرب، مثل قولهم: "آلم فلانٌ رأسَه"، و"وجع بطنَه"، و"رشد أمره"، ومنه: قوله تعالى: ﴿بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا﴾ [القصص: ٥٨] فالمعيشة نفسها بطرت، وقوله: ﴿سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ١٣٠]، معناه: سفهت نفسه، أي: كانت سفيهة، فلمَّا أضاف الفعل إليه (^١) نصبها على التمييز. وهذا الذي قاله الكوفيون أصحُّ في اللغة والمعنى، فإن الإنسان هو السفيه نفسه، كما قال تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٢]، كذلك قوله: ﴿تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] أي: تختان أنفسكم، فالأنفس هي اختانت، كما أنَّها السفيهة، وقال: "اختانت" ولم يقل: "خانت"، لأنَّ الافتعال فيه زيادة على ما في مجرد الخيانة). قال في أثناء كلامه: (أو يكون قوله: ﴿تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] أي: يخون بعضكم بعضًا، كقوله: ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٥٤]، فإنَّ السارق وأعوانه خانوا إخوانهم المؤمنين، والمجامع إذا جامع امرأته [وهي لا تعلم] (^٢) أنَّه حرامٌ فقد خانها). قال: (والأوَّل أشبه، والنفس هي خانت، فإنَّها تحب الشهوة والمال والرئاسة، و"خان" و"اختان" مثل: "كسب" و"اكتسب"، فجعل الإنسان مختانًا، ثمَّ بيَّن أنَّ نفسه هي التي تختان، كما أنَّها هي

(^١) في "الفتاوى": (فلما كان الفعل []) ونبه مصصحها ﵀ على أنه وقع فيها بياض. (^٢) في الأصل: (وهو لا يعلم)، والتصويب من "الفتاوى".

1 / 68