اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية لابن عبد الهادي

ابن عبد الهادي المقدسي ت. 744 هجري
49

اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية لابن عبد الهادي

محقق

سامي بن محمد بن جاد الله

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

وأمَّا "سورة المائدة": فإنَّها سورة العقود، فإنَّ العهود والمواثيق التي يعقدها بنو آدم بينهم وبين ربِّهم، ويعقدها بعضهم لبعض -مثل: عقد الإيمان، وعقد الأيمان-، فأمر الله بالوفاء بالعهود، والوفاء بالعهود من صفات الصادقين دون الكاذبين؛ وختم السورة بما يناسب ما تحتها، فقال: ﴿هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [المائدة: ١١٩]، فالموفون بالعقود صادقون، فنفعهم الصدق بالوفاء يوم القيامة بما وعدهم من الكرامة). [ثم تكلَّم شيخنا] (^١) على الوفاء بالعهد، وقال: (وهذه "سورة المائدة" للمؤمنين، أمرهم فيها بالوفاء بالعقود، وذكَّرهم فيها بنعمته، كما قال تعالى لبني إسرائيل: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ [البقرة: ٤٠]، فذكر النعم يوجب الشكر، والوفاء بالعقود يحتاج إلى الصبر، فلابدَّ أن يكون صبَّارًا شكورًا، كما قال في أثناء السورة بعد آية الطهارة: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ [المائدة: ٧]. قال: (فلمَّا كان هذا فاتحة السورة كان من مضمونها الشريعة والمنهاج التي جعلها لأهل القرآن، فبيَّن لهم من تفصيل أمره ونهيه -الذي جعله الله لهم شرعةً ومنهاجًا- في هذه السورة ما وجب عليهم الوفاء به، لأجل إيمانهم الذي هو عقد يوجب عليهم: طاعة الله ورسوله واتباع كتابه، ولهذا روي عن النبي ﷺ: "إنَّ سورة المائدة آخر القرآن نزولًا فأحلُّوا حلالها وحرِّموا حرامها". وعن أبي ميسرة:

(^١) في الأصل: (ثم تكلم ﷾ عن العهود)! وهو خطأ صرف، فإما أن يكون في الكلام سقط، وإما يكون الصواب ما أثبته أو نحوه، والله أعلم.

1 / 53