بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تراه النواظر، ولا تحجبه السواتر، الذي علا بكل مكرمة، وبان بكل فضيلة، وارتفع عن شبه الخليقة، وقام بالقسط في خلقه، و عدل فيهم بحكمه، وأحسن إليهم في قسمه، ولا إله إلا هو، الواحد القهار، العزيز الجبار، الذي يتناهى في الأوهام بتحديد، ولم تدركه الأفكار بتصوير، ولم تنله مقائيس المقدرين فقدرته مكيفة في عقول الناظرين. (1) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أخلصها له وأدخرها عنده، وصلى الله على رسوله محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين أجمعين.
هذا كتاب ألفته وصنفته وألعجت في جمعه وإسباغه وأقحمته فنونا " من الأحاديث و عيونا " من الأخبار (2) ومحاسن من الآثار والحكايات في معان كثيرة من مدح الرجال و فضلهم وأقدار العلماء ومراتبهم وفقههم.
قال محمد بن محمد النعمان: حدثني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن يعقوب، عن الحسين بن الحسن، عن محمد بن زكريا الغلابي، عن ابن عائشة البصري (3) رفعه، أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال في بعض خطبه: أيها
صفحة ١
الناس إعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه، الناس أبناء ما يحسنون وقدر كل امرء ما يحسن، فتكلموا في العلم تبين أقداركم. (1) وحدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن الحسين بن محمد بن عامر الأشعري، عن المعلى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور العمي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن بعض أصحابه رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثا " بعثه الله يوم القيامة عالما " فقيها " (2).
رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: كانوا شرطة الخميس ستة آلاف رجل أنصاره. (3) محمد بن الحسين، عن محمد بن جعفر، عن أحمد بن أبي عبد الله قال: قال علي بن الحكم:
أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام الذين قال لهم: تشرطوا فأنا أشارطكم على الجنة ولست أشارطكم على ذهب ولا فضة (4)، إن نبينا صلى الله عليه وآله فيما مضى قال لأصحابه: تشرطوا فإني
صفحة ٢
لست أشارطكم إلا على الجنة، وهم: سلمان الفارسي، والمقداد، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وأبو ساسان، وأبو عمرو الأنصاريان، وسهل بدري، وعثمان ابنا حنيف الأنصاري، وجابر بن عبد الله الأنصاري.
ومن أصفياء أصحابه: عمرو بن الحمق الخزاعي عربي (1)، وميثم التمار، وهو ميثم بن يحيى مولى، ورشيد الهجري، وحبيب بن مظهر الأسدي، (2) ومحمد بن أبي بكر.
ومن أوليائه: العلم الأزدي (3) وسويد بن غفلة الجعفي، والحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، وأبو عبد الله الجدلي (4) وأبو يحيى حكيم بن سعد الحنفي.
وكان من شرطة الخميس أبو الرضي عبد الله بن يحيى الحضرمي، وسليم بن قيس الهلالي، وعبيدة السلماني المرادي عربي (5)
صفحة ٣
ومن خواصه: تميم بن حذيم الناجي " (1) وقد شهد مع علي عليه السلام، قنبر مولى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، أبو فاختة مولى بني هاشم، وعبيد الله بن أبي رافع وكان كاتبه.
وعنه، عن محمد بن الحسن (2)، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن زيد الشحام، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " فلينظر الإنسان إلى طعامه " ما طعامه؟ قال: علمه الذي يأخذه عمن يأخذه (3).
وعنه، عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن السندي بن محمد، عن أبي البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العلماء ورثة الأنبياء وذلك أن العلماء (4) لم يورثوا درهما " ولا دينارا " وإنما ورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا " وافرا "، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين (5).
صفحة ٤
حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن، عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق ابن عمار، عن أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عز وجل: " فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه (1) " قال: هم المسلمون لآل محمد صلى الله عليهم وسلم إذا سمعوا الحديث أدوه كما سمعوه لا يزيدون ولا ينقصون.
عبيد بن نضلة الخزاعي روى عن ابن الأعمش أنه قال لأبيه: على من قرأت القرآن؟
فقال: على يحيى بن الوثاب وقرأ يحيى على عبيد بن نضلة كل يوم آية ففرغ من القرآن في سبع وأربعين سنة (2). يحيى بن وثاب كان مستقيما ".
أبو أحيحة واسمه عمرو بن محصن أصيب بصفين وهو الذي جهز أمير المؤمنين عليه السلام بمائة ألف درهم في مسيره إلى الجمل (3).
حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن - رحمه الله - عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: خلقت الأرض لسبعة بهم ترزقون وبهم تنصرون وبهم تمطرون منهم: سلمان الفارسي، والمقداد، وأبو ذر، وعمار، وحذيفة، وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: وأنا إمامهم، وهم الذين صلوا على فاطمة صلوات الله عليها. (4) أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن الحارث
صفحة ٥
قال: سمعت عبد الملك بن أعين يسأل أبا عبد الله عليه السلام فلم يزل يسأله حتى قال: فهلك الناس إذا "؟ فقال: إي والله يا ابن أعين هلك الناس أجمعون، قلت: أهل الشرق والغرب؟
قال: إنها فتحت على الضلال، إي والله هلكوا إلا ثلاثة نفر: سلمان الفارسي، وأبو ذر، والمقداد ولحقهم عمار، وأبو ساسان الأنصاري، وحذيفة، وأبو عمرة فصاروا سبعة. (1) عدة من أصحابنا، عن محمد بن الحسن (2)، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن مثنى بن الوليد الحناط، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ارتد الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا ثلاثة نفر: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي، ثم إن الناس عرفوا ولحقوا بعد.
وعنه عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي، عن عمرو بن ثابت قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن النبي صلى الله عليه وآله لما قبض ارتد الناس على أعقابهم كفارا " إلا ثلاثا ": سلمان والمقداد، وأبو ذر الغفاري، إنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله جاء أربعون رجلا " إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقالوا: لا والله لا نعطي أحدا " طاعة بعدك أبدا "، قال:
ولم؟ قالوا: إنا سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وآله فيك يوم غدير [خم]، قال: وتفعلون؟ قالوا: نعم قال: فأتوني غدا " محلقين، قال: فما أتاه إلا هؤلاء الثلاثة، قال: وجاءه عمار بن ياسر بعد الظهر فضرب يده على صدره، ثم قال له: مالك أن تستيقظ من نومة الغفلة، ارجعوا فلا حاجة لي فيكم أنتم لم تطيعوني في حلق الرأس فكيف تطيعوني في قتال جبال الحديد، ارجعوا فلا حاجة لي فيكم. (3) * (ذكر السابقين المقربين من أمير المؤمنين عليه السلام) * حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن جعفر المؤدب: الأركان الأربعة سلمان، والمقداد
صفحة ٦
وأبو ذر، وعمار هؤلاء الصحابة. ومن التابعين: أويس بن أنيس القرني الذي يشفع في مثل ربيعة ومضر (1)، عمرو بن الحمق الخزاعي - وذكر جعفر بن الحسين أنه كان (2) من أمير المؤمنين عليه السلام بمنزلة سلمان من رسول الله صلى الله عليه وآله - رشيد الهجري، ميثم التمار، كميل بن زياد النخعي، قنبر مولى أمير المؤمنين عليه السلام، محمد بن أبي بكر، مزرع مولى أمير المؤمنين عليه السلام (3)، عبد الله بن يحيى، قال له أمير المؤمنين عليه السلام يوم الجمل: أبشر يا ابن يحيى فأنت وأبوك من شرطة الخميس سماكم الله به في السماء (4)، جندب بن زهير العامري، وبنو عامر شيعة علي عليه السلام على الوجه، حبيب بن مظهر الأسدي، الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، مالك بن الحارث الأشتر العلم الأزدي، أبو عبد الله الجدلي، وجويرية بن مسهر العبدي (5) أصحاب الحسن بن علي عليهما السلام: سفيان بن أبي ليلى الهمداني، حذيفة بن أسيد الغفاري أبو رزين الأسدي.
أصحاب الحسين بن علي عليهما السلام جميع من استشهد معه ومن أصحاب أمير المؤمنين
صفحة ٧
عليه السلام: حبيب مظهر، وميثم التمار، ورشيد الهجري، وسليم بن قيس الهلالي وأبو صادق وأبو سعيد عقيصا. (1) أصحاب علي بن الحسين عليهما السلام: أبو خالد الكابلي كنكر ويقال اسمه: وردان (2)، يحيى بن أم الطويل، المطعم، (3) سعيد بن المسيب المخزومي، حكيم بن جبير.
أصحاب محمد بن علي عليهما السلام: جابر بن يزيد الجعفي، حمران بن أعين، وزرارة، وعامر ابن عبد الله بن جذاعة، حجر بن زائدة، عبد الله بن شريك العامري، فضيل بن يسار البصري سلام بن المستنير، بريد بن معاوية العجلي، الحكم بن أبي نعيم (4).
أصحاب أبي عبد الله عليه السلام: عبد الله بن أبي يعفور، بكر بن أعين، محمد بن مسلم الثقفي الطائفي، محمد بن نعمان.
أصحاب أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: علي بن يقطين، علي بن سويد السائي.
في الخبر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يكون من شيعتنا في دولة القائم سنام الأرض وحكامها، يعطى كل رجل منهم قوة أربعين رجلا ". (5) في المقداد بن الأسود: وكنية المقداد أبو معبد وهو مقداد بن عمرو البهراني، (6) وكان
صفحة ٨
الأسود بن عبد يغوث الزهري تبنا ه (1) فنسب إليه - رحمة الله عليه -.
حدثنا جعفر بن الحسين المؤمن، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى يرفعه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن سلمان كان منه إلى ارتفاع النهار فعاقبه الله أن وجئ في عنقه حتى صيرت كهيئة السلعة حمراء (2) وأبو ذر كان منه إلى وقت الظهر، فعاقبه الله إلى أن سلط عليه عثمان حتى حمله على قتب وأكل لحم أليتيه وطرده عن جوار رسول الله صلى الله عليه وآله، فأما الذي لم يتغير منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله حتى فارق الدنيا طرفة عين، فالمقداد بن الأسود لم يزل قائما " قابضا " على قائم السيف عيناه في عيني أمير المؤمنين عليه السلام ينتظر متى يأمره فيمضي. (3) وعنه، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن صفوان بن مهران الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله أمرني بحب أربعة، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: علي ابن أبي طالب ثم سكت، ثم قال: إن الله أمرني بحب أربعة، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟
قال علي بن أبي طالب ثم سكت، ثم قال: إن الله أمرني بحب أربعة، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: علي بن أبي طالب، والمقداد بن أسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي (4).
صفحة ٩
علي بن الحسين بن يوسف، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر، و المقداد. قال: فقلت: فعمار؟
فقال: قد كان جاض جيضة (1)، ثم رجع ثم قال: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شئ فالمقداد، فأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض، أن عند ذا يعني أمير المؤمنين عليه السلام اسم الله الأعظم لو تكلم به لأخذتهم الأرض وهو هكذا، فلبب ووجئت في عنقه حتى تركت كالسلعة (2) و مر به أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله هذا من ذاك بايع، فبايع، وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين عليه السلام بالسكوت ولم يكن تأخذه في الله لومة لائم، فأبى إلا أن يتكلم فمر به عثمان فأمر به، ثم أناب الناس بعد فكان أول من أناب أبو ساسان الأنصاري وأبو عمرة وفلان حتى عقد سبعة، ولم يكن يعرف حق أمير المؤمنين عليه السلام، إلا هؤلاء السبعة. (3) وحدثنا أحمد بن محمد، ومحمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن أبي القاسم الأيادي، عن هشام بن سالم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إنما منزلة المقداد بن الأسود في هذه الأمة كمنزلة ألف في القرآن لا يلزق بها شئ (4).
جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله
صفحة ١٠
البرقي، عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن كرام، [و] عن إسماعيل بن جابر، عن مفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما بايع الناس أبا بكر أتى بأمير المؤمنين عليه السلام ملببا " ليبايع قال سلمان أتضع ذا بهذا؟ والله لو أقسم على الله لانطبقت ذه على ذه قال: وقال أبو ذر وقال:
المقداد [والله] هكذا أراد الله أن يكون، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كان المقداد أعظم الناس إيمانا " تلك الساعة. (1) حدثني محمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن النضر بن سويد عمن حدثه من أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما بقي أحد بعد ما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله إلا وقد جال جولة إلا المقداد فإن قلبه كان مثل زبر الحديد. (2) حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه. عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول: إن سلمان علم الاسم الأعظم (3).
جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، ومحمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أدرك سلمان العلم الأول والعلم الآخر وهو بحر لا ينزح (4) وهو منا أهل البيت بلغ من علمه أنه مر برجل في رهط فقال له: يا عبد الله تب إلى الله من الذي عملت في بطن بيتك البارحة واتق الله، فقال الرجل: أستغفر الله وأتوب إليه، قال: ثم مضى وقال له القوم: لقد رماك بأمر وما دفعته عن نفسك قال: إنه أخبرني بأمر ما اطلع عليه أحد إلا الله رب العالمين وأنا (5).
وعنه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم الجبلي، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لسلمان: يا
صفحة ١١
سلمان لو عرض علمك على المقداد لكفر، يا مقداد لو عرض صبرك على سلمان لكفر (1).
حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى، عن موسى ابن جعفر البغدادي، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن عيسى بن حمزة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
الحديث الذي جاء في الأربعة، قال: وما هو؟ قلت، الأربعة التي اشتاقت إليهم الجنة، قال: نعم منهم سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار، قلت: فأيهم أفضل؟ قال: سلمان، ثم أطرق، ثم قال: علم سلمان علما " لو علمه أبو ذر كفر (2).
وحدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد ابن عيسى أو غيره، عن بعض أصحابنا، عن عباس بن حمزة الشهرزوري (3) رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: كان سلمان يطبخ قدرا " فدخل عليه أبو ذر فانكبت القدر فسقطت على وجهها ولم يذهب منها شئ فردها على الأثافي (4) ثم انكبت الثانية فلم يذهب منها شئ فردها على الأثافي، فمر أبو ذر إلى أمير المؤمنين عليه السلام مسرعا " قد ضاق صدره مما رأى وسلمان يقفو أثره حتى انتهى إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فنظر أمير المؤمنين إلى سلمان فقال له: يا أبا عبد الله أرفق بأخيك (5).
وعنه، عن سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح عن أحمد بن إسماعيل الفراء عن رجل
صفحة ١٢
قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في أبي ذر: ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر؟ قال: بلى، قلت: فأين رسول الله وأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام؟ قال: فقال لي: كم فيكم السنة شهرا "؟ قلت: اثنا عشر شهرا "، قال:
كم منها حرام؟ قلت: أربعة أشهر، قال: شهر رمضان منها؟ قلت: لا، قال إن في شهر رمضان ليلة العمل فيها أفضل من ألف شهر إنا أهل بيت لا يقاس بنا أحد (1).
حدثنا محمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن إسماعيل بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن المفضل بن صالح، عن محمد بن مروان، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله أوحى إلي أن أحب أربعة: عليا وأبا ذر وسلمان والمقداد - مختصر - (2).
وعنه (3)، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي، عن نصر بن أحمد، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن محمد بن إسحاق، عن صالح بن إبراهيم، عن عبد الرحمن ابن عوف قال: حدثني شيخ من أسلم شهد صفين مع القوم قال: والله إن الناس على سكناتهم فما راعنا إلا صوت عمار بن ياسر حين اعتدلت الشمس أو كادت أن تعتدل وهو يقول:
أيها الناس من رائح إلى الجنة كالظمآن يروي الماء؟ ما الجنة إلا تحت أطراف العوالي (4)، اليوم ألقي الأحبة محمد وحزبه، يا معشر المسلمين! اصدقوا الله فيهم فإنهم والله أبناء الأحزاب دخلوا في هذا الدين كارهين حين أذلتهم حد السيوف وخرجوا منه طائعين حتى أمكنتم الفرصة. وكان يومئذ ابن تسعين سنة قال: فوالله ما كان إلا الالجام و
صفحة ١٣
الاسراج. وقال عمار حين نظر إلى راية عمرو بن العاص: إن هذه الراية قد قاتلتنا ثلاث عركات (1) وما هي بأشدهن، ثم حمل وهو يقول:
نحن ضربناكم على تنزيله * فاليوم نضربكم على تأويله ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله أو يرجع الحق إلى سبيله * يا رب إني مؤمن بقيله ثم استسقى عمار واشتد ظمأوه فأتته امرأة طويلة اليدين، ما أدري أعسل معها أم إداوة فيها ضياح من لبن وقال: الجنة تحت الأسنة، اليوم ألقي الأحبة محمدا وحزبه والله لو هزمونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر (2) لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل ثم حمل وحمل عليه ابن جوين السكسكي وأبو العادية الفزاري (3) فأما أبو العادية فطعنه وأما ابن جوين اجتز رأسه - لعنهم الله - (4).
* (في عمرو بن الحمق الخزاعي) * حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن جعفر المؤدب، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه، رفعه قال: قال عمرو بن الحمق الخزاعي لأمير المؤمنين عليه السلام: والله ما جئتك لمال من الدنيا تعطينيها ولا لالتماس السلطان ترفع به ذكري إلا لأنك ابن عم رسول الله
صفحة ١٤
صلوات الله عليهما وأولى الناس بالناس وزوج فاطمة سيدة نساء العالمين عليها السلام وأبو الذرية التي بقيت لرسول الله صلى الله عليه وآله وأعظم سهما " للإسلام من المهاجرين والأنصار، والله لو كلفتني نقل الجبال الرواسي ونزح البحور الطوامي (1) أبدا حتى يأتي علي يومي وفي يدي سيفي أهز به عدوك (2) وأقوي به وليك ويعلو به الله كعبك ويفلج به حجتك (3) ما ظننت أني أديت من حقك كل الحق الذي يجب لك علي. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: اللهم نور قلبه باليقين واهده إلى الصراط المستقيم، ليت في شيعتي مائة مثلك (4).
وحدثنا أحمد بن هارون، وجعفر بن محمد بن قولويه، وجماعة، عن علي بن الحسين، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن النضر، عن صباح، عن الحارث ابن الحصيرة، عن صخر بن الحكم الفزاري (5)، عمن حدثه أنه سمع عمرو بن الحمق يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد الحرام أو في مسجد المدينة يقول:
يا عمرو وهل لك في أن أريك آية الجنة يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق وآية النار يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق؟ فقلت: نعم بأبي أنت وأمي فأرنيهما، فأقبل علي عليه السلام يمشي حتى سلم فجلس، فقال صلى الله عليه وآله: يا عمرو هذا وقومه آية الجنة، ثم أقبل معاوية حتى سلم، ثم جلس، فقال صلى الله عليه وآله: يا عمرو هذا وقومه آية النار.
وذكر أن بدء إسلامه أنه كان في إبل لأهله وكانوا أهل عهد لرسول الله صلى الله عليه وآله وإن أناسا " من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله مروا به وقد بعثهم رسول الله صلى الله عليه وآله في بعث، فقالوا: يا رسول الله ما معنا زاد ولا نهتدي الطريق، فقال: إنكم ستلقون رجلا " صبيح الوجه يطعمكم من الطعام ويسقيكم من الشراب ويهديكم الطريق، هو من أهل
صفحة ١٥
الجنة فأقبلوا حتى انتهوا إلي من آخر النهار فأمرت فتياني فنحروا جزورا وحلبوا من اللبن فبات القوم يطعمون من اللحم ما شاؤوا ويسقون من اللبن، ثم أصبحوا، فقلت: ما أنتم بمنطلقين حتى تطعموا أو تزودوا، فقال رجل منهم وضحك إلى صاحبه، فقلت:
ولم ضحكت؟ فقال: أبشر ببشرى الله ورسوله، فقلت: وما ذاك؟ قال: فقال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا الفج وأخبرناه أنه ليس لنا زاد ولا هداية الطريق، فقال: ستلقون رجلا صبيح الوجه يطعمكم الطعام ويسقيكم من الشراب ويد لكم على الطريق من أهل الجنة فلم نلق من يوافق نعت رسول الله صلى الله عليه وآله غيرك، قال: فركبت معهم فأرشدتهم الطريق ثم انصرفت إلى فتياني وأوصيتهم بإبل ثم سرت كما أنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بايعت وأسلمت و أخذت لنفسي ولقومي أمانا " من رسول الله صلى الله عليه وآله، إنا آمنون على أموالنا ودمائنا إذا شهدنا أن لا إله إلا الله وأن محمدا " رسول الله، وأقمنا الصلاة وآتينا الزكاة فأقمنا سهم الله و رسوله فإذا فعلتم ذلك فأنتم آمنون على أموالكم ودمائكم، لكم بذلك ذمة الله ورسوله لا يعتدى عليكم في مال ولا دم، فأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ما أقمت وغزونا معه غزوات وقبض الله رسوله صلى الله عليه وآله (1).
قال: كان عمرو بن الحمق الخزاعي شيعة لعلي بن أبي طالب عليه السلام فلما صار الأمر إلى معاوية انحاز إلى شهر زور من الموصل وكتب إليه معاوية:
أما بعد فإن الله أطفأ النائرة، وأخمد الفتنة، و جعل العاقبة للمتقين، ولست بأبعد أصحابك همة ولا أشدهم في سوء الأثر صنعا، كلهم قد أسهل (2) بطاعتي وسارع إلى الدخول في أمري وقد بطؤ بك ما بطؤ فادخل فيما دخل فيه الناس يمح عنك سالف ذنوبك ومحى داثر حسناتك ولعلي لا أكون لك دون من كان قبلي إن أبقيت واتقيت ووقيت وأحسنت فاقدم علي آمنا في ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله محفوظا " من حسد القلوب وإحن الصدور (3) وكفي بالله شهيدا ".
صفحة ١٦
فلم يقدم عليه عمرو بن الحمق فبعث إليه من قتله وجاء برأسه وبعث به إلى امرأته فوضع في حجرها فقالت: سترتموه عني طويلا " وأهديتموه إلي قتيلا " فأهلا " وسهلا " من هدية غير قالية ولا مقلية، بلغ أيها الرسول عني معاوية ما أقول: طلب الله بدمه وعجل الوبيل من نقمه (1) فقد أتى أمرا فريا وقتل بارا " تقيا "، فأبلغ أيها الرسول معاوية ما قلت.
فبلغ الرسول ما قالت، فبعث إليها فقال لها: أنت القائلة ما قلت؟ قالت: نعم غير ناكلة عنه ولا معتذرة منه، قال لها: أخرجي من بلادي قالت: أفعل فوالله ما هو لي بوطن ولا أحن فيها إلى سجن، ولقط طال بها سهري واشتد بها عبري (2) وكثر فيها ديني من غير ما قرت به عيني، فقال عبد الله بن أبي سرح الكاتب: يا أمير المؤمنين إنها منافقة فألحقها بزوجها، فنظرت إليه فقالت: يا من بين لحييه كجثمان الضفدع ألا قلت من أنعمك خلعا " وأصفاك كساء؟ إنما المارق المنافق من قال بغير الصواب و اتخذ العباد كالأرباب فأنزل كفره في الكتاب، فأومى معاوية إلى الحاجب بإخراجها، فقالت: وا عجباه من ابن هند يشير إلي ببنانه ويمنعني نوافذ لسانه، أما والله لأبقرنه بكلام عتيد كنواقد الحديد أوما أنا بآمنة بنت الشريد. (3) عن أبي عبد الله عليه السلام (4) قال: المفقود ينتظر أهله أربع سنين فإن عاد وإلا تزوجت فإن قدم زوجها خيرت فإن اختارت الأول اعتدت من الثاني ورجعت إلى الأول وإن
صفحة ١٧
اختارت الثاني فهو زوجها. (1) عن علي بن سويد السائي، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: ما خلق الله خلقا " أفضل من محمد صلى الله عليه وآله ولا خلق خلقا " بعد محمد أفضل من علي عليه السلام. (2) محمد بن الفضيل: قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: ولاية علي عليه السلام مكتوبة في جميع صحف الأنبياء. (3) عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا " قال: يجلسه على العرش معه. (4) الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال لي: ما لي أراك مصفرا؟ فقلت: هذا الحمى الربع قد ألحت علي (5)، قال: فدعا بدواة وقرطاس ثم كتب بسم الله الرحمن الرحيم أبجد هوز حطي عن فلان بن فلانة، ثم دعا بخيط فأتي بخيط مبلول، فقال: ائتني بخيط لم يمسه الماء فأتي بخيط يابس فشد وسطه وعقد على الجانب الأيمن أربعة وعقد على الأيسر ثلاث عقد وقرأ على كل عقدة الحمد والمعوذتين وآية الكرسي،
صفحة ١٨
ثم دفعه إلي وقال: شده على عضدك الأيمن ولا تشده على الأيسر. (1) عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: سؤر المؤمن شفاء من سبعين داء. (2) * (حديث الغار) * محمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن الحكم بن مروان، عن يونس بن صهيب، عن أبي جعفر عليه السلام قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر وقد ذهب به إلى الغار فقال: مالك أليس الله معنا؟ تريد أن أريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدثون وأريك جعفر بن أبي طالب وأصحابه في سفينة يغوصون؟ فقال: نعم أرنيهم. فمسح رسول الله صلى الله عليه وآله وجهه وعينيه فنظر إليهم فأضمر في نفسه أنه ساحر. (3) أحمد بن محمد بن عيسى، عن سهل بن زياد، عن أبي يحيى الواسطي قال: حدثني علي بن بلال قال: حدثني محمد بن محمد الواسطي قال: كنت ببغداد عند محمد بن سماعة القاضي وعنده رجل، فقال له: إني دخلت مسجد الكوفة فجلست إلى بعض أساطينه لأصلي ركعتين فإذا خلفي امرأة أعرابية بدوية وعليها شملة وهي تنادي: يا مشهورا " في الدنيا ويا مشهورا " في الآخرة ويا مشهورا " في السماء ويا مشهورا " في الأرض! جهدت الجبابرة على إطفاء نورك وإخماد ذكرك فأبى الله لنورك إلا ضياء ولذكرك إلا علوا ولو كره المشركون، قال، فقلت: يا أمة الله ومن هذا الذي تصفينه بهذه الصفة؟ قالت: ذاك أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب الذي لا يجوز التوحيد إلا به وبولايته، قال: فالتفت إليها فلم أر أحدا. (4)
صفحة ١٩
. (1)..
....
.. *...
.. *..
.. *...
لا يرجع الماضي ولا * يبقى من الباقين غابر أيقنت أني لا محالة * حيث صار القوم صائر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: رحم الله قسا كان أمة واحدة.
وعنه، عن محمد بن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن أمية بن علي، عن رجل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أيما أفضل نحن أو أصحاب القائم عليه السلام؟ قال: فقال لي: أنتم أفضل من أصحاب القائم وذلك أنكم تمسون وتصبحون خائفين على إمامكم و
صفحة ٢٠