أَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَرَفَهُ وَقَدْ حَفِظْت عَنْ عَدَدٍ مِنْهُمْ إبْطَالَهُ، وَمَتَى كَانَتْ عَامَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي دَهْرٍ بِالْبُلْدَانِ عَلَى شَيْءٍ وَعَامَّةٌ قَبْلَهُمْ قِيلَ يَحْفَظُ عَنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ كَذَا، وَلَمْ نَعْلَمْ لَهُمْ مُخَالِفًا وَنَأْخُذُ بِهِ، وَلَا نَزْعُمُ أَنَّهُ قَوْلُ النَّاسِ كُلِّهِمْ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ مَنْ قَالَ مِنْ النَّاسِ إلَّا مَنْ سَمِعْنَاهُ مِنْهُ أَوْ عَنْهُ قَالَ: وَمَا وَصَفْت مِنْ هَذَا قَوْلَ مَنْ حَفِظْت عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ نَصًّا وَاسْتِدْلَالًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): ﵁: وَالْعِلْمُ مِنْ وَجْهَيْنِ اتِّبَاعٌ وَاسْتِنْبَاطٌ وَالِاتِّبَاعُ اتِّبَاعُ كِتَابٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسُنَّةٌ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَقَوْلُ عَامَّةٍ مِنْ سَلَفِنَا لَا نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيَاسٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ ﷿ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيَاسٌ عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيَاسٌ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ سَلَفِنَا لَا مُخَالِفَ لَهُ وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ إلَّا بِالْقِيَاسِ وَإِذَا قَاسَ مَنْ لَهُ الْقِيَاسُ فَاخْتَلَفُوا وَسِعَ كُلًّا أَنْ يَقُولَ بِمَبْلَغِ اجْتِهَادِهِ وَلَمْ يَسَعْهُ اتِّبَاعُ غَيْرِهِ فِيمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ بِخِلَافِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ أَكْلِ الضَّبِّ
(حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ عَنْ الضَّبِّ فَقَالَ لَسْت بِآكِلِهِ وَلَا مُحَرِّمِهِ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ نَحْوَهُ. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): " أَشَكٌّ " قَالَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَوْ «عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنَّهُمَا دَخَلَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بَيْتَ مَيْمُونَةَ فَأَتَى بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ فَأَهْوَى إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ فَقَالُوا هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَهُ فَقُلْت أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ لَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ قَالَ خَالِدٌ فَاجْتَرَرْته فَأَكَلْته وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَنْظُرُ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ الضَّبِّ» لِأَنَّهُ عَافَهُ لَا لِأَنَّهُ حَرَّمَهُ وَقَدْ «امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ الْبُقُولِ ذَوَاتِ الرِّيحِ» لِأَنَّ جِبْرِيلَ يُكَلِّمُهُ وَلَعَلَّهُ عَافَهَا لَا مُحَرِّمًا لَهَا وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ إنَّ «النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَسْت بِآكِلِهِ» يَعْنِي نَفْسَهُ وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عَافَهُ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: وَلَا مُحَرِّمَهُ قَالَ فَجَاءَ بِمَعْنَى ابْنِ عَبَّاسٍ بَيِّنًا وَإِنْ كَانَ مَعْنَى ابْنِ عُمَرَ أَبْيَنَ مِنْهُ قَالَ «لَسْت أُحَرِّمُهُ وَلَيْسَ حَرَامًا وَلَسْت آكُلَهُ» تَفْسِيرٌ وَأَكْلُ الضَّبِّ حَلَالٌ وَإِذَا أَصَابَهُ الْمُحَرَّمُ فَدَاهُ لِأَنَّهُ صَيْدٌ يُؤْكَلُ.
بَابُ الْمُجْمَلِ وَالْمُفَسَّرِ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: (قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ ﷿ ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ الْآيَةُ وَقَالَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ «لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ فِيمَنْ مَنَعَ الصَّدَقَةَ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لَا أَزَالُ أُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا مِنْ حَقِّهَا يَعْنِي
8 / 620