بختيشوع بن جورجيس بن بختيشوع الجد يسابوري كان نصرانيا في أيام أبي العباس السفاح وصحبه وعالجه وعاش إلى أيام الرشيد وكان جليلا في صناعة الطب موقرا في بغداد لعلمه وصحبته للخليفة ويكنى أبا جبرائيل. وقد ذكر محمد بن إسحاق النديم في كتابه بختيشوع فقال هو مشهور مقدم عند الملوك خدم الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل وكسب بالطب ما لم يكسبه أحد وكانت الخلفاء تثق به على أمهات أولادهم وله من الكتب. كتاب التذكر عمله لابنه جبرائيل والحقيقة من أمر بختيشوع بن جورجيس أنه من أهل جند يسابورة وأنه ما رأى السفاح ولا المنصور وإنما أيوه جورجيس رأى المنصور وعالجه على ما يرد في بره وأما بختيشوع بن جورجيس فما زال مقيما بجند يسابور والمارستان نيابة عن غيبته وحضوره إلى أيام المهدي ومرض ولده الهادي بن المهدي فاستدعى بختيشوع من جند يسابور وداواه وعز على أم الهادي الهيزران أن استدعاه ولم يستطب أبا قريش طبيبها وأخذت هي وأبا قريش في مناكدة بختيشوع ومضاربته وعلم المهدي بفعلها ذلك فأعادوه مكرما إلى جند يسابور فأقام على حالته في تدبير المارستان هناك ولم يزل على ذلك إلى سنة إحدى وسبعين ومائة مرض الرشيد من صداع لحقه فقال ليحيى بن خالد هؤلاء الأطباء ليسوا يفهمون شيئا فقال له يحيى يا أمير المؤمنين أبو قريش طبيب والدك ووالدتك قال الرشيد ليس هو بصيرا بالطب وإنما استطببناه إكراما له لتقدم حرمته وينبغي أن تطلب لي طبيبا ماهرا فقال لما مرض أخوك الهادي أرسل والدك إلى جند يسابور وأحضر رجلا يعرف بختيشوع فقال له كيف أعاده وتركه قال لما رأى والدتك وعيسى أبا قريش يحسدانه أذن له بالانصراف إلى بلده قال له أرسل البرد في مله إن كان حيا ولما كان بعد أيام ورد بختيشوع بن جورجيس ودخل على الرشيد فأكرمه وخلع عليه خلعة سلية ووهب له مالا وافرا وقال له تكون رئيس الأطباء ولك يسمعون ويطيعون.
صفحة ٤٧