بواس حكيم يوناني طبيعي قديم العهد مشهور الذكر نقل الأطباء قوله في كتبهم إلا أنه كان ضعيف النظر في ذلك لأن هذه الصناعة في وقته لم تكن محققة كتحقيقها في الزمن الأخير وقد رد عليه أرسطوطاليس كلامه في أثناء كتبه في الطبيعيات بحجج واضحة وتبعه في الرد عليه جالينوس أيضا وأوضح حجج الرد ووجوه البراهين. بطليموس القلوذي هو صاحب كتاب المجسطي وغيره إمام في الرياضة كامل فاضل من علماء يونان كان في أيام أندرياسيوس وفي أيام أنطميوس من ملوك الروم وبعد أبرخس بمائتين وثمانين سنة وكثير من الناس ممن يدعي المعرفة بأخبار الأمم بخيله أحد البطالسة وربما قيل البطالمة اليونانيين الذين ملكوا الإسكندرية وغيرها بعد الإسكندر وذلك غلط بين وخطأ واضح لأن بطليموس ذكر في كتاب المجسطي في النوع الثامن من المقالة الثالثة منه الجامعة لجميع حركات الشمس وأرصادها وسائر أحوالها أنه رصد في سنة تسع عشرة من سني اذريانوس فذكر أنه تجمع في أول سني بخت نصر إلى وقت هذا الاعتدال الخربقي ثمانمائة سنة وتسع وسبعون سنة وستة وستون يوما وست ساعات وجزأ هذه السنين فقال أنه يجتمع من أول سني بخت نصر إلى موت الإسكندر يعني أول ملوك الروم مائتي سنة وأربع وتسعون سنة ومن أول سنة من سني ملك أوغسطس إلى وقت الرصد الخربقي المذكور مائة سنة وإحدى وستون سنة وسن وستون يوما وساعتان فبين هذا التفصيل والتجميل حقيقة وقته وأن عصره كان بعد عصر أوغوسطس بمائة سنة وإحدى وستين سنة وأجمع أهل العلم بأخبار الأمم السالفة والمعرفة بتواريخ الأجيال الخالية أن أوغوسطس هذا ملك رومي وأنه تغلب على قلوبطرة آخر ملوك البطالسة اليونانيين وكان امرأة أعني قلوبطرة وإن بتغلبه عليها انقرض ملك اليونانيين من الدنيا وفي هذا بيان خطأ من ظن أنه من الملوك البطالسة وفي هذا كفاية إن شاء الله تعالى وإلى بطليموس هذا انتهى علم حركات النجوم ومعرفة أسرار الفلك وعنده اجتمع ما كان متفرقا من هذه الصناعة بأيدي اليونانيين والروم وغيرهم من ساكني أهل الشق المغربي من الأرض وبه انتظم شتيتها وتجلى غامضها وما أعلم أحدا بعده تعرض لتأليف مثل كتابه المعروف بالمجسطي ولا تعاطي معارضته بل تناوله بعضهم بالشرح والتبيين كالفضل بن أبي حاتم النيريزي وبعضهم بالاختصار والتقريب كمحمد بن جابر التباني وأبي الريحان البيروني الخوارزمي مصنف كتاب القانون المسعودي ألفه المسعود بن محمود بن سبكتسكين وحذا إليه حذو بطليموس وكذلك كوشيار بن لبان الجيلي في ويجه وإنما غاية العلماء بعد بطليموس التي يجرون إليها وثمرة عنايتهم التي يتنافسون فيها فهم كتابه على مرتبته وإحكام جميع أجزائه على تدريجه ولا يعرف كتاب ألف في علم من العلوم قديمها وحديثها فاشتمل على جميع ذلك العلم وأحاط بأجزاء ذلك الفن غير ثلاثة كتب أحدها كتاب المجسطي هذا في علم هيئة الفلك وحركات النجوم والثاني كتاب أرسطوطاليس في علم صناعة المنطق والثالث كتاب سيبويه البصري في علم النحو العربي.
قال محمد بن إسحاق النديم في كتابه بطليموس صاحب كتاب المجسطي في أيام أذريانوس وأنطونيس الملكين المستوليين على مملكة يونان في زمانهما رصد الكواكب ولأحدهما عمل كتاب المجسطي وهو أول من عمل الاصطرلاب الكري والآلات النجومية وسطح الكرة والمقاييس وآلات الأرصاد ويقال رصد النجوم قبله جماعة منهم ابرخس وقيل أنه أستاذه وهو قول واهم فإن بين الرصدين تسعمائة سنة وكان بطليموس أجل راصد وأتقن صانع لآلات الرصد والرصد لا يتم إلا بآلة والمبتدي بالرصد هو الصانع للآلة.
صفحة ٤٥