اخبار العلماء بأخبار الحكماء
محقق
إبراهيم شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان
رقم الإصدار
الأولى 1426 هـ - 2005 م
فوهب له وافرا وكتب إلى المأمون يعرفه خبر علته وكيف برئ على يد جبرائيل وسأله في أمره فأجابه بالصفح عنه ولما دخل المأمون الحضرة في سنة خمس ومائتين أمر بحبس جبرائيل في منزله وأن لا يخدم ووجه من أحضر ميخائيل المتطبب وهو صهر جبرائيل وجعله مكانه وأكرمه إكراما وافرا كيادا لجبرائيل ولما كان في ستة عشر ومائتين مرض المأمون مرضا صعبا وكان وجوه الأطباء يعالجونه ولا يصلح فقال لميخائيل هو ذا تزيدني الأدوية التي تعطيني شرا فاجمع وشاورهم في أمري فقال أخوه أبو عيسى يا أمير المؤمنين نحضر جبرائيل فإنه يعرف أمزجتنا منذ الصبا فتغافل عن كلامه وأحضر أبو إسحاق أخوه يوحنا بن ماسويه فثلبه ميخائيل ووقع فيه فلما ضعفت قوة المأمون عن أخذ الدوية أذكروه بجبرائيل فأمر بإحضاره ولما حضر غير تدبيره كله فاستقام وبعد ثلاثة أيام صلح فسر به المأمون سرورا عظيما ولما كان بعد أيام صلح صلاحا تاما وأذن له جبرائيل في الأكل والشرب ففعل ذلك فقال له أخوه أبو عيسى يوما وهو جالس على الشراب معه مثل هذا الرجل الذي لم يكن مثله ولا يكون سبيله أن يكرم فأمر له المأمون بألف ألف درهم ورد عليه سائر ما قبض عنه من الأملاك والضياع وصار إذا خاطبه كناه بأبي عيسى جبرائيل وأكرمه زيادة على ما كان أبوه يكرمه وانتهى بن الأمر في إجلاله إلى أن كان كل من تقلد عملا لا يخرج إلى عمله إلا بعد أن يلقى جبرائيل ويكرمه.
وفي سنة ثلاث عشرة ومائتين مرض جبرائيل مرضا شديدا فلما رآه المأمون ضعيفا التمس منه إنفاذ ابنه بختيشوع معه إلى بلد الروم فأحضره وكان مثل أبيه في الفهم والعقل ولما خاطبه المأمون فرح به فرحا شديدا وأكرمه غاية الإكرام ورفع منزلته وأخرجه إلى بلد الرزم وطال مرض جبرائيل إلى أن بلغ الموت فصل وصية إلى المأمون تشتمل على سبعمائة ألف دينار هذا بعدما نهب له وما أنكره أصحاب الودائع وما أخذه الأمين وما بذله في الكفالات والمصادرات والنفقات وشراء الضياع والأملاك على ذكر ما في الدرج الذي وجد بخطه ودفع الوصية إلى ميخائيل صهره ومات وكانت جنازته مشهورة ودفن في دير مارسرجس بالمداين ولما عاد المأمون من بلد الروم دفع الوصية
صفحة ١١٢