اخبار العلماء بأخبار الحكماء
محقق
إبراهيم شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان
رقم الإصدار
الأولى 1426 هـ - 2005 م
وكان يسكنه جالينوس سرنا وقيل سمرنا وكان منزله بالقرب من قرة بينه وبينها فرسخان قال جبرائيل ولما نزل الرشيد على قرة ورأيته طيب النفس فقلت له يا أمير المؤمنين أطال الله بقاك منزل أستاذي الكبر على فرسخين فإن رأى أمير المؤمنين أن يطلق لي الذهاب إليه حتى أطعم وأشرب وأصول بذلك على متطببي أهل دهري وأقول إني أكلت وشربت في منزل أستاذي فاستضحك الرشيد من قولي ثم قال لي ويلك يا جبرائيل أتخوف أن يخرج جيش الروم أو منسر من مناسرهم فتخطفك فقلت له من المحال أن يقدم منسر الروم على القرب من معسكرك هذا القرب كله فأحضر إبراهيم بن عثمان بن نهيك وأمره أن يضم إلي خمسمائة رجل حتى أوافي الناحية فقلت له ما بي إلى النظر إلى منزل جالينوس حاجة فازداد ضحكا ثم قال وحق المهدي لينفذن ألف فارس قال جبرائيل فخرجت وأنا أشد الناس غما وأكسفهم بالا وقد أعددت لنفسي ما لا يكفي عشرة أنفس من الطعام والشراب قال فما استقر في الموضع حتى وافاني من الخبز والمطاعم المعدة للمسافر ما عم من معي وفضل كثير فأقمت في ذلك الموضع قطعت فيه ومضى فتيان الجند فأغاروا إلى مواضع خمور الروم فأكلوا اللحم كبابا بالخبز وشربوا الخمور وانصرفوا في آخر النهار وسأل إبراهيم بن المهدي جبرائيل هل تبين في رسم منزل جالينوس ما يدل أنه كان له سرو فقال له أما الرسم فكبير ورأيت له أبياتا شرقية وأبياتا عربية وأبياتا قبلية ولم أرى له بيتا فراتيا هذا يدل على أن الفرات كان شمالي المدينة ثم قال وكذلك كانت فلاسفة الروم تجعل بيوتها وكذلك كانت ترى عظماء فارس وكذلك أرى أنا إذا صدقت نفسي وعملت بما تحب لأن كل بيت لا تدخله الشمس يكون وبيئا وإنما كان جالينوس على حكمته خادما لملوم الروم وملوك الروم أهل قصد في جميع أمورهم فإذا قست منزل جالينوس على حكمته بمنازل الروم رأيت من كبر خطته وكثرة بيوته وأن كنت لم أرها إلا خرابا على أنني قد وجدت منها أبياتا مسقفة استدللت بها على أنه ذا مروءة فسكت عنه إبراهيم فقلت يا أبا عيسى أن ملوك الروم على ما ذكرت في القصد وليس قصدهم في هباتهم وعطاياهم إلا مثل قصدهم في مروآت أنفسهم فالنقص يدخل المخدوم
صفحة ١٠٩